الاربعاء 18 يونيو 2025
استراتيجية غالب المطمطس
الساعة 09:07 صباحاً
سلمان الحميدي سلمان الحميدي

أفضل استراتيجية لإذكاء الحماسة بين اثنين: وجود أصوات تشجع الطرفين..

ولهذا مثلاً، إن كان هناك اثنين يتبارزان، وجمهور يشجع طرفاً واحداً، فإن هذا ينتزع رغبة الآخر في المواجهة، فلا يواجه بقوة، وبالتالي يمنح خصمه نصراً بلا تكلفة ودون أضرار مؤثرة على الفائز والمهزوم.

زمان في القرية، كان طلاب المدرسة صباحاً، يزعجون غالب المطمطس أثناء مروره في الطريق ليبيع الطماط على حماره، ويرمون عليه الحجارة، أو ينكشون حماره التي تفز فتسقطه أرضاً.

قرب الظهيرة، كان غالب يعود من نفس الطريق، ويصادف الطلاب وهم يتشاجرون، فيوقف حماره وينزل لإشعال المنافسة، يبدأ بتسمية أطراف المشاجرة بتسمية ثورين شهيرين: زَهِر، وذَهَب.. ويختار: أنا ثوري زهر.. ويختار بعض الحاضرين: أنا ثوري ذهب..

يلتحم زهر وذهب وترتفع أصوات المشجعين. ولأن زهر وذهب من المزعجين الذين يؤذون غالب، يستخدم حيلة ذكية لاستمرار الصراع دون أن يُظهر، أبداً، أنه يفعل ذلك لاستنزاف طاقتهم فيما بينهم بدلاً من ايذائه. وأحياناً حين يرى أن "زهر" ـ الثور الذي يشجعه، سينتصر على "ذهب" ـ الثور الخصم، ينقلب غالب ويشجع "ذهب" على الصمود..

ـ الثور ذهب الآن شيحمي.. ماذهب إلا ذهب.. إدي له.. لو غلبكه شادِّي لك "فِرسكة".

وهكذا يستمر العراك حتى ينزل العرق، وأحياناً الدم بسبب خدوش الأظافر، ويغادر غالب دون أن يخسر حتى "الفرسكة الخائسة" إذ تكون النتيجة أن الثورين خاسران أو منتصران حسب حكم غالب وتأكيد الجمهور.

أحياناً، إذا كان الحاضرين يشجعون ثوراً واحداً، يأتي غالب ويقسم الجمهور إلى نصفين.. أما إذا أتى والثوران "ذهب وزهر" يتعاركان لوحدهم في الطريق، يوقف حماره، وشطر موقفه وشجع الاثنين: كلمة بكلمة، جملة بجملة، ووعداً بوعد..

هذه هي الاستراتيجية التي على العرب استخدامها بذكاء لإنهاك الثورين المدمرين..

وفي هذه الأيام لو رأيتني أشجع "زهر"، فلا تظن أني نسيت الحجرة التي رماني بها، إنما أعمل لأخذ حقي مثنى ومثلوث دون أن أخسر شيء..

ولو رأيتك تشجع "ذهب" فلن أظن أنك نسيت "نكشة الحمار" التي أسقطتك أرضاً..

ووفق نظرية غالب المطمطس: لو اختفيتَ أنت، فسأشجع الثورين

ولو اختفيتُ أنا، فشجع الثورين إن أردت أن تنتصر..


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار