آخر الأخبار


الاربعاء 14 مايو 2025
طبعا في عالم عربي تتنازعه الأزمات والانهيارات، وتتكاثر فيه الجراح المفتوحة، يطل علينا مشهدٌ استثنائي داخل ديناميكية المملكة العربية السعودية، إذ يتجلى معنى الزعامة في لحظة إنسانية، سياسية، ودبلوماسية نادرة، لحظة تبوح بالكثير وتُخفي في طياتها مشروعا حضاريا عربيا كبيرا.
فيما ليس غريبا أن تخرج من الدرعية، مهد الدولة السعودية الأولى، إشارةُ أمل كبرى للعرب، لكنها هذه المرة لم تكن مدججة بالسيوف، بل ممتلئة بالمروءة والحكمة، وتنبض بقلب قائد عربي شاب، اسمه محمد بن سلمان.
تذكروا عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من الرياض، رفع العقوبات كاملةً عن الجمهورية العربية السورية، لم يكن التصفيق في القاعة مجرد مجاملة، ولم تكن يد الأمير محمد بن سلمان على صدره مجرد إيماءة بروتوكولية مؤثرة. بل كانت تلك الحركة النبيلة تعبيرا صادقا من قلب كبير، نابض بروح الأخ الأكبر الذي يفرح لفرج أشقائه.
صدقوني هذا هو محمد بن سلمان، الزعيم الذي لا تنحصر زعامته في حدود بلده، بل تتخطاها إلى الفضاء العربي كله، كأنما يحمل في قلبه خارطة العرب من المحيط إلى الخليج، ويشعر بأوجاعهم كما لو أنها تخصه شخصيا.
بمعنى أدق فإن ما جرى في الرياض اليوم لم يكن حدثا دبلوماسيا عاديا، بل كان إعلانا عربيا مفاده أن العرب لا يموتون إن تآزروا، وأن النار التي أشعلتها إيران في دمشق، يمكن أن تُطفأ بحكمة العرب وصدق نواياهم.
والحق يقال لم تسلح السعودية الميليشيات، ولم ترسل العملاء، بل مدت يدها بالإطفاء بدل الإشعال، بالبناء بدل الهدم. وشتان بين من ينقذ، ومن يغرق الناس ثم يزعم المقاومة.
بالتأكيد في تلك اللحظة، وبينما تهتز قاعة المؤتمر بالتصفيق، كانت دمشق تشهق بفرحة مفاجئة، وكان اللاجئ السوري، في أقصى الشتات، يشعر للحظة أن العالم لم ينتهِ، وأن الشام يمكن أن تعود كما عرفها يوما.
على إنها زعامة لا تحتاج إلى أبراج عاجية، ولا تتغذى على لغة المزايدات، بل تتجلى في الحركة الصادقة، في الخطة الطويلة النفس، في صعود أمة تحاول أن تكتشف قوتها بعد قرون من التراجع والانكسارات.
وليس جديدا على المملكة هذا الدور، لكنها اليوم، عبر رؤية ولي عهدها، تنتقل من مشهد الدولة التقليدية إلى مشهد الدولة المبادِرة، الدولة التي تصنع السلام دون أن تساوم على الكرامة، وتدفع التنمية دون أن تبتزّ أحدا، وتستثمر في الإنسان، كما تستثمر في المستقبل.
ولقد بدا المشهد وكأنه يستعيد لحظة عربية مفقودة، تلك اللحظة التي شعر فيها العربي في أقصى الغرب، أن ما يجري في المشرق يعنيه، وأن زعيما عربيا يعيد توزيع النبض في الجسد العربي المتعب.
أما اليمن، فله في قلب محمد بن سلمان ما ليس يُقال في الخطابات. وقدمت السعودية له المال والسلاح، وحاولت بكل الطرق أن تُبقي الشرعية قائمة.
غير أن رجال الشرعية ـ للأسف ـ استمرأوا الخنوع، وتماهوا مع الفراغ، حتى بدا اليمن وكأنه يتيم بلا حارس، وملف بلا مالك.
بمعنى آخر فإن محمد بن سلمان، لم ينكفئ، ولم يتراجع. بل ظل يقول: العرب أولاً، الاستقرار أولاً، الكرامة أولاً.
وهو بهذا لم يصنع السياسة فقط، بل أعاد تعريفها: جعلها قرينة للكرم، للحسم، للوفاء، للحلم الكبير الذي لا يموت مهما تراكمت حوله العواصف.
وفي مشهده ذاك، أيضا بدا وكأنه يرسم مسارا جديدا للقيادة في المنطقة: قائدٌ لا يصرخ، لكنه يُنجز. لا يرفع الشعارات، لكنه يوقع الاتفاقات النوعية. كما لا يتحدث عن الوحدة، لكنه يمارسها عبر المواقف، ويجعل العروبة ممكنة مرة أخرى.
فمن خلف الشاشات، صفق السوريون بحرارة، بكى بعضهم. واحتفل العرب في شتى بقاعهم، ليس فقط من أجل سوريا، بل لأن أحدهم أعاد إليهم الإيمان بأن العروبة ليست لعنة، وأن السياسة ليست مرادفا للخداع، وأن الزعيم يمكن أن يكون كريما، نبيلا، صادقا، حاسما.
ولقد تجلى محمد بن سلمان، في تلك اللحظة، لا كحاكم فقط، بل كفكرة. فكرة الزعامة المتجددة، التي تحمل شجاعة القرار وحنو الأخ وكرم الشقيق. فكرة الدولة التي لا تقايض دم العرب، ولا تساوم على كرامتهم، بل تعمل وتبني، وتغرس الأمل في أرض عطشى.
من هنا فإن التاريخ لا يكتب بالمصادفة، بل بالمواقف. وقد كُتب اليوم سطرٌ ناصعٌ باسم هذا الزعيم الذي، في زمن الانهيار، يختصر ميزان الحكمة.
لذلك شكرا محمد بن سلمان… لأنك لم تكن مجرّد حاكم، بل كنت بوصلة.!
بوصلة استثنائية مدهشة تثير الحسد، لأنها لا تشير فقط إلى الاتجاه، بل تصنعه.
بل إنها بوصلة التحديث النابعة من مشروع رؤية 2030، المشروع الذي لم يكن مجرد مخطط تنموي، بل قفزة حضارية شاملة، ترتقي بالمملكة العربية السعودية إلى مصاف الدول المتقدمة بجدارة واستحقاق.
رؤيةٌ تنبض بالإبداع، وتتنفس الطموح، يقودها زعيم لا يعرف المستحيل، ويؤمن أن للمستقبل مفاتيحه، وأن العرب قادرون على أن يكونوا من صناعه لا من متلقيه.!
عن الانسان والسياسي المختلف
ترامب وبن سلمان وفقراء العرب … هل تستطيع السعودية القيام بالمهمة؟
مبارك لسوريا استرداد السيادة القانونية للبلد