آخر الأخبار


الاربعاء 14 مايو 2025
قال الناقد العزيز صلاح الأصبحي عبارة تختصر بؤس عصرنا الرقمي: "مشاهير السوشيال ميديا فيروس مدمر للإنسان والأخلاق والتفكير".
وعلى قساوة هذا التشبيه، إلا أنه يحمل في طياته قلقا وجوديا عميقا، نابعا من انحدار المعايير واحتلال التفاهة لصدارة المشهد الثقافي والاجتماعي والسياسي.
والشاهد أن مشاهير السوشيال ميديا ليسوا فقط افرادا يصورون يومياتهم أو يبيعون منتجات تجميل، بل هم علامات على تحول حاد في فهمنا للمعنى، للنجاح، وللتأثير.
بمعنى أدق أصبح الشغف بالشهرة المجردة – لا بالمعنى أو القيمة – هدفا بحد ذاته، بينما يتم تهميش المبدعين الحقيقيين، والمفكرين، والفنانين الذين يصوغون الوعي لا الذين يعبثون به.
وهكذا في هذا الفضاء المتسارع، تتحول القيم إلى سلع، وتُختزل الهوية في "ترند"، ويُكافأ الصخب أكثر من العمق.
نعم ، ماذا يعني أن يصبح مقياس النجاح عدد المتابعين؟ وأن يقرر "اللايك" مصير الفكرة؟
صدقوني نحن بإزاء انقلاب في المعايير، حيث يُقدَّم الهامشي على أنه جوهري، ويُحتفى بالسطحي كأنه حكمة.
الأخطر من ذلك أن هذا الفيروس لا يدمر التفكير وحده، بل يشوه الإحساس الإنساني.فيما يتم التسويق لأجساد البشر، لمآسيهم، لحيواتهم الخاصة، وكأنها مجرد محتوى. وبالمقابل تتحول المأساة إلى مادة للضحك، والفضيحة إلى منصة للربح. على إن هذا الانحطاط في الذوق لا يأتي من فراغ، بل هو نتيجة بنية إعلامية ترعى التافهين وتقصي المستنيرين.
لكن النقد لا يعني الإلغاء، ولا يعفي المجتمع من مسؤوليته. فالمشكلة ليست فقط في "المؤثر"، بل في القابلية الاجتماعية للافتتان به.
ولكن من يصنع الشهرة؟ أليست حاجتنا للتسلية السطحية، ونفورنا من التعقيد، هما من يغذيان هذه الفقاعة؟ لكن لعل التحدي الحقيقي هو في إعادة الاعتبار للقيمة، وللتفكير، وللجمال الحقيقي غير القابل للتسليع.
لذلك لا نحتاج إلى معركة ضد الأشخاص، بل ضد المفاهيم التي تُقزِّم الإنسان. ضد الثقافة التي تهزأ بالمعرفة، وتُقصي الأخلاق، وتحول العالم إلى عرض مستمر بلا مغزى.
تذكروا قال الأصبحي ما يستحق أن يُرفع كشعار لمرحلة نقدية شجاعة. وما علينا إلا أن نعيد التفكير في ما نستهلكه، من نتابعه، وماذا نعتبره "ناجحا". ففي ذلك وحده، تبدأ المقاومة الثقافية لهذا الفيروس الذي يتسلل لا إلى عقولنا فقط، بل إلى ضمائرنا.!
إلى مجلس القيادة الرئاسي: التاريخ لا ينتظر المترددين
ابحث في ذاكرتك عن أغنية تستمع إليها وتتذوقها
كل ميسّرّ لما خلق له
فيروس الشهرة السريعة: نقد هادئ لعالم المشاهير الرقميين
ترمب... العودة الثانية للرياض