آخر الأخبار


الثلاثاء 13 مايو 2025
ركب صَيّاد إبن خادم القرية سيارة الأجرة للسفر إلى صنعاء مقهوراً ، وذلك بعد أن حصل على منحة دراسية من ضمن الاوائل على محافظته، فاستغل الشيخ نفوذه لكي لا يتعلم صَيّاد ، متعللاً بأنه :" ان تعلم ابن خادم القرية فعلى من و بمن سيكون شيخاً " .. ولإخراج صياد من حالة الإحباط هذه، توسط أبوصيّاد لدى الشيخ للسماح لصياد بالذهاب إلى صنعاء لتعلم العزف على العود و الضرب على المرفع ؛ لأنه لا يوجد من يعمل عليهما في المنطقة فوافق الشيخ بسرعة..
ظل صيّاد صامتاً طوال الرحلة، ودمعة القهر تسقط بين الحين و الآخر ، ظل يتأمل الجبال و المزارع ، يفكر كيف سيحتال على فكرة تعلم العزف على العود..حدث نفسه :
- هل سأرجع عازف على العود وضارب للطاسة لكي أهان و ينقص من قدري كما يفعلوا مع أبي..
- لا والله ما يكون هذا..
- لابد من فكرة لكي استطيع التخلص منهم وعدم الرجوع الى البلاد..
- الغربة.. نعم الغربة و لا شيء غيرها..
- لكن كيف الغربة و إلى أين ؟
- مابلا هي.. غربة في بلاد الكفار، من شأن ما يقدروا حتى يلاقوني..
- إذن لابد من تعلم اللغة الإنجليزية حتى أجد مخرج..
اقنع صياد أباه بأن مصاريف دراسة العزف على العود وتعلم الضرب على المرافع ستكلف مبلغاً كبيراً ، و هو لا يهم على أبيه، لأن الشيخ سيتكفل بالدفع ، كان يأخذ المال الذي يأتيه من أبيه مع سائق الأجرة و يقسمه ثلاثة أقسام ، ثلث لمصروفة ، ثلث لرسوم دراسة الإنجليزية ، و ثلث يتم توفيرة لمصاريف السفر الذي يعتزمه..
درس صيّاد الانجليزية حتى اتقنها، كان أحد اساتذته معجب بذكاءه و اجتهاده ، و يوماً من أيام التدريب على التحدث بالانجليزية حكى أمام استاذه قصته بكل جرأه ، فازداد إعجاب الاستاذ به ، فقرر مساعدته ، و أخبره بأن هناك جامعة أمريكية تعرض منحة دراسية متكاملة و أنه لا ينقصه من شروطها شيء ، قام الأستاذ بمراسلة الجامعة ، وبعد شهر اتصل فريق من الجامعة و أجروا مقابلة تلفونية مع صيّاد و تم قبوله ، ثم ذهب لإكمال إجراءات السفر في السفارة الأمريكية ، و تم إعطاءه وعداً للتأشيرة خلال عشرين يوماً ..
استغل صياد تلك الفترة للرجوع إلى قريته للاطمئنان على والديه و وداعهما مع صديقيه العزيزين عزي ابن الشيخ و هاشم ابن السيد ، وصل القرية بعد سنة من الغياب للدراسة ، استقبله أباه بحفاوة ، ذهب ليلاً إلى المكان الذي اعتاد السمر فيه مع صاحبيه ، عند '' صخرة الجن " حيث كتبوا عليها اسماؤهم بخط كبير ، يسمرون و يتنادمون و الصخرة تحميهم من الريح.. وجدهما كما توقع، تحاضنا و كان لقاءاً عاطفياً بامتياز ، وبعد استعادة الذكريات و الضحك..
صياد : عزي ، هاشم انا قررت اغترب ، بس لا تكلموا أحد ، وإنما جيت اودعكم..
هاشم : و تفلت بلدك ووطنك..
صياد : أي وطن ، الوطن وهم كبير ، و الوطنية أكبر كذبة تم استعبادنا بها..حتى أصبح الوطن صنم و سدنته كبارات البلد و نحن نقدم القرابين لهم لا له..
عزي : طيب وأهلك و ناسك واحنا..
صياد : تشتيني اجلس من شأن لما تقع الشيخ ارجع خادمك - يحتضن عزي و يضحك - اشتي أحس ان أنا إنسان في بلاد ما يعرفوا غير انسانيتي فلا ينتقصوا منها..
عزي : ولا عمرنا بننتقص منك يارجال احنا..
يقاطعه صياد : إحنا أصحاب وعلى كل حال ، وحتى نظل أصحاب لابد ما أسافر، لأن المجتمع و اعتباراته أقوى من صداقتنا..
هاشم : لا تشعر بالنقص يا صياد ، أبي قال لي مرة : ان الذي يشعر بالنقص يظل ناقص..
صياد : أنا أشعر بالنقص وغير راضي عن النقص هذا الذي أنتم صنعتوه لي ، و هارب منكم من شأن ارمم هذا النقص ، لكن المشكلة فيكم..
هاشم و عزي بدهشة : أيش من مشكلة فينا ؟..
صياد : النفخة الكذابة اللي بتنفخوا بها أنفسكم و تضعوا انفسكم فوق ما ربي خلقها ، بيجي عليكم يوم قد تقدروا تملوا الفراغ حولكم ولكن ما بتقدروا تملوا الفراغ داخلكم بسبب نفختكم الكذابة اللي أبسط شئ ممكن يقرحها..
انتهت سهرتهم و ذهب كل واحد إلى بيته ، ودخل صياد البيت ليجد أباه ينتظره..
أبو صياد : الشيخ قال يشتيك بكرة تسمعه العزف على العود الذي تعلمته ..
صياد : و هل شي معه عود..؟
أبو صياد باستغراب : لا..
صياد : وفي أين باعزف له العود ، قله يجيب فلوس امشي اشتري عود و طاسة و نرجع نعزف له..
أبو صياد : الآن امشي له في هذا الليل ، من شان أنت تتحرك الصباح و تشتري العود و الطاسة..
في الصباح وقف صياد و أباه عند الطريق بانتظار سيارة الأجرة ، أقبل عزي وهاشم فكانوا يعانقوا صياد بحرارة ، يتابعهم أبو صياد باستغراب و يقول : مالكم تتسالموا هكذا ،كلها أسبوع ورجع يأنسنا أنا فداله..
عانق صياد أباه بحرارة و بكى ، استغرب أبوه و هو لا يعلم أنه يودعه وداع مفارق سيسافر لفترة طويلة لا يعلم معها هل سيراه مرةً أخرى أم لا؟! ..
ركب صياد سيارة الأجرة ، يلتفت الى أبيه و يلوح له بيد و الأخرى تمسح الدموع.. ما إن وصل إلى صنعاء حتى استقبله أستاذه وفي يده الجواز و التأشيرة جاهزة ، قام باستبدال ما تبقى معه من المال بالدولارات و طار ليلاً إلى اميركا..
وصل اميركا، تحط به رحاله في مدينة نيويورك حيث عاش و درس الاقتصاد البحت و أخذ البكالوريوس من جامعتها ، ثم رشحته الجامعة للماجستير و الدكتوراة ، و خلال دراسته الماجستير بدء العمل ، حيث استقطبته إحدى الشركات المالية للعمل لديها كمستشار مالي في وول ستريت.. بدء يجني بعدها الكثير و الكثير من المال..
أجرى صيّاد أول اتصال بأبيه ، فرح أبوه كثيراً لأنه لايزال على قيد الحياة ، حيث لم تبعد عنهم التكهنات بموته إلا تطمينات هاشم وعزي أنه أخبرهما بعزمه على الاغتراب.. أخبر صياد أباه أن لديه الكثير من المال و سيحول له مبلغاً للعيش بكرامة، وأنه عما قريب سيشتري له بيتاً في صنعاء ليعيش فيه..
خرج أبو صياد و أخبر الجميع بالخبر ، كان يتباهى بإبنه صياد الذي وعده بأن يبني له بيتاً في صنعاء وكان يزهو بإبنه ونفسه و هو يتحدث عنه بفخر ، ناداه الشيخ : ناهي ناهي ، صلح البوري قد نفسي خارمة لبوري مداعة..
أبو صياد : أنا مش فارغ ذلحين ، خليني أروح معي مشوار..
الشيخ : اهه اهه اهه.. ايش ايش..عشنا وشفنا و يضرب كف على كف..
ليلاً يذهب الشيخ إلى أبي هاشم و يخبره الخبر..
أبوهاشم : خلاص فلت من أيدينا ، ما ذلحين كل واحد يخدم نفسه..
الشيخ : و كيف؟
أبوهاشم : ما معنا الا ان نسرح عيالنا يغتربوا و يعملوا لنا مثل ما عمل صيّاد مع والده ، ما احناش أقل منه..
يبدء الآباء و الأبناء رحلة البحث عن طريقة للسفر إلى أمريكا ، و يجدوا أحد المغتربين في أمريكا من أبناء القرى المجاورة ، مات اثنين من أولاده بنفس اعمارهما ، و وافق على إدخالهم إلى أمريكا على أنهم أولاده مقابل مبلغ مالي..
سافر عزي و هاشم وحطت بهم رحالهم في مدينة نيويورك ، عملا بجهد و كافحا حتى أثمرت جهودهم بتوفير رأس مال جيد ، ثم قاما بفتح مشاريعهما الخاصة ، فتح كل واحد منهما محلاً بجانب بعض.. تمر الأيام فيعلم بهما صياد ، يذهب لزيارتهما ، وصل إليهما يرتدي بزةً فخمة و ربطة عنقٍ أنيقة ، آثار الراحة والغنى تتبدى على وجهه.. استقبلاه بحفاوة و ترحاب ، استقبله عزي في محل بيع اللحم خاصته ، ثم استقبله هاشم في بقالته التي يبيع فيها الخمر..
يضحك حينها صيّاد و ويقهقه ثم يقول : لقد وجدت نفسي حيث فقدتم أنفسكم و أخرجت منكم الأيام نفختكم الكذابة ، فلم يعد عيباً عندكم أن يصبح القبيلي جزار و الهاشمي خمار...
- أهلاً بكم..
شكراً جبر ففي الدوحة جبرت قلوبنا
غزلان ليست هنا... إنها ربحة!
فكرة الأقيال كلمة السر لخلاص اليمني
مسؤول خبيث يستفز الشيخ سلطان العرادة ويقهر شيوخ مأرب
جولة ترامب… وقمّة بغداد
كل شيء بثمنه!