آخر الأخبار


الاثنين 7 يوليو 2025
تغيّبتُ عن وسائل التواصل لأكثر من يوم، لكن ما إن فتحت صفحاتي على مواقع التواصل الاجتماعي حتى هالني خبر مقتل الشيخ صالح حنتوش في إحدى مديريات محافظة ريمة، على يد جماعة الحوثي، بتلك الطريقة البشعة.
مقتل هذا الشيخ يُعدّ من الحوادث التي تهزّ الكيان الجمعي في اليمن بأبشع صورها. لا أعرف الكيفية التي اتُّخذ بها القرار الهمجي، لكنني شاهدت تسجيلاً صوتيًا على إحدى القنوات التابعة للجماعة الحوثية، يتحدث فيه أحد أفرادها عن "انتصار" للقوات الأمنية، مدّعيًا بلغة رتيبة أن الشيخ كان يتلقى دعمًا من "العدوان".
لقد أحدثت هذه الحادثة صدىً إقليميًا وعربيًا كبيرًا، إذ أعادت تسليط الضوء على الطابع المحلي الحقيقي للجماعة الحوثية وسلوكها تجاه اليمنيين، بعد أن منحها تدخلها في الحرب على غزة صورة مجمّلة لدى المتابع العربي.
من الواضح أن الحوثيين استخدموا قوتهم للتخلص من شيخٍ كان يدير إحدى مؤسسات تعليم القرآن. وتأتي هذه الحادثة كمرحلة جديدة من مراحل القبضة الحوثية للسيطرة على مفاصل المجتمع والتحكم في كل تفاصيل حياته. فبعد أن أحكمت الجماعة سيطرتها على المدن والمراكز الحضرية، بدأت الآن بالتمدد نحو الأرياف.
لكن هناك أمرين بارزين في هذه المسألة:
أولاً: أن الشيخ كان يدير مدارس لتحفيظ القرآن الكريم منذ سنوات طويلة، وقد تبين - كما كتب آخرون - أن الجماعة حاولت فرض مناهج معينة عليه، فرفض. وتقع هذه المدارس في إحدى مناطق السنّة الشافعية في اليمن، والتي أصبحت الآن في قلب الصراع الطائفي الذي تفرضه جماعة الحوثي دون مراعاة للحساسية الاجتماعية والمذهبية في البلاد.
وما زال هناك من اليمنيين أو من غير اليمنيين من الدارسين من يجزمون، دون أي تحفظ، بأن وجود مراكز سلفية في صعدة خلال ثمانينيات القرن الماضي كان أحد أسباب انطلاق شرارة الصراع في اليمن، وأن مقبل الوادعي - باستقراره هناك، وهو ابن صعدة ومنطقة وادعة - كان سببًا في إشعال الفتنة، عن قصد أو غير قصد. وهم، بهذا التفسير، يمنحون الحوثي مبررًا لإشعال الحرب، كما لو أن صعدة مغلقة على سلطة روحية ومذهبية واحدة.
ولا أدري ما هو موقف هؤلاء اليوم من هذا السلوك الحوثي، الذي يرفض وجود مدرسة لتحفيظ القرآن تختلف معه في توجهه ورؤيته، في منطقة سنّية، ووفق منطقه ذاك.
ثانيًا: أن الجماعة الحوثية لا تكتفي بالسيطرة على تأويل الدين، بل تسعى كذلك إلى التحكم في تعليمه، طالما أنها تصف نفسها بـ"الجماعة القرآنية". ولن تكتمل سلطتها - كما تتصور - إلا إذا هيمنت على قدرة الناس في الوصول إلى فهم القرآن وفقًا لتفسيرها هي.
الأمر اللافت الآخر هو أن الجماعة اتهمت الشيخ حنتوش بأنه كان يعمل بدعم من "العدوان". وكلمة "عدوان" لها دلالة خاصة في القانون الدولي والسياسة الدولية، ولا يجوز استخدامها من قِبل جماعة أو حتى دولة لتوصيف حادثة أمنية أو سياسية داخلية. فـ"العدوان" يُستخدم في سياق خاص، ويقصد به الاعتداء الخارجي.
ومن الغريب أن الجماعة ما تزال حتى هذه اللحظة تروّج لفكرة "العدوان"، وكأن ما يجري في البلاد ليس حربًا أهلية، بل صراع مع طرف خارجي، في محاولة للتهرّب من كل الحقائق الداخلية، وترسيخ سردية أنها في حرب مع الآخر، لا مع أبناء الداخل.
باطنية محمد الشنقيطي وتبنيه للمشروع الشيعي الخميني
موت الخائن لاتعني موت الخيانة بل بداية تاريخها..
خريطة المتصارعين في اليمن... متصارعون كثيرون وعواقب سيئة
حملة مكثفة عن إنجازات المخا!!
القرار الهمجي
سؤال يطرق أبواب العقل