آخر الأخبار


الاربعاء 21 مايو 2025
من القصص التي عشتها ولا أنساها أنني بعد قدومي من اليمن إلى مصر قررت بناء على نصيحة ناقد أدبي خوض أول تجاربي لأكتب عنها بعض القصص، الأولى تجربة عنف مع البواب، والثانية تجربة حب مع فتاة، ولو علمت بما سيحدث لي ما فكرت بهذه الأفكار المهببة.!
والمشكلة أنني أخترت البواب ولديه ما يشبه عصابة كبيرة من البوابين أصحابه، كما أخترت بنت الجيران وهي فتاة عمرها 17 عاما لأمثل عليها قصة الحب فكانت النهاية في الحالتين دمار شامل.!
سأخبركم بالتفاصيل:
حين علمت بأن جارنا ناقد أدبي معروف وله إصدارات عديدة؛ تشوقت لزيارته والاستفادة منه في تطوير مهاراتي في كتابة القصص.
طرقت بابه ففتح لي مستغربا فعرفته بنفسي فدعاني للدخول وبعد شرب الشاي أخبرته بهوايتي في كتابة القصص ورغبتي في تطوير قدراتي الإبداعي فسألني فجأة:
_تعرف باولو كويلو ؟
فأجبته:
_ نعم أعرفه الأديب البرازيلي مؤلف " الخيميائي ". قاطعني:
_ مشى باولو كويلو 700 كيلو متر على قدمه على مدى 77 يوما من مدينة مدريد إلى مدينة سانتياجو دي كومبو ستيلا بأسبانيا فشكلت هذه الرحلة التحول الأكبر بحياته وكتب عنها أول رواياته " حاج كومبو ستيلا ".وقاطعته هذه المرة:
_ لم أفهم هل تريدني أمشي إلى الإسكندرية مثلا لكي أكتب قصة ؟!
أجابني بهدوء:
_ لم أقصد أن تمشي، أقصد لابد أن تخوض تجربة، أن تعيش مغامرة، أن تخاطر، أن تسافر، أن تعيش حياة طبيعية بكل ما فيها ولو حتى تتخانق مع البواب وتروحوا القسم، المهم أن لا تنعزل. أن تعيش حياة طبيعية لكي تكتب.
شكرته وغادرت..
ورنت في أذني جملة الناقد الأخيرة " أن تتخانق مع البواب "، فعلا هذا البواب سيء جدا ويحاول بشتى الطرق أن ينصب علي ويأخذ مني أي مبلغ، مرة لإصلاح المصعد، ومرة بذريعة خدمات تنظيف المصعد، ومرة يشكو لي مرض ابنته ويطلب مساعدة، لا يكاد يمر يوم دون أن يأتي طالبا النقود بأي ذريعة، لقد نفذ صبري ولا بد أن أخوض أول تجاربي معه إن حاول ابتزازي والنصب علي.!
كنت قد أودعت عنده خمسة ألف جنيه فقررت أن أسحبها منه، ذهبت إليه فطلبت منه النقود لكنه نظر إلي باستغراب وأنكر أنني أعطيته أي نقود.!
غلي الدم في عروقي وأرتفع السكري لدي وقررت المواجهة وليكن ما يكون، ركلت النرجيلة التي كان يدخن منها حتى تناثرت وسكبت الشاي على رأسه واشتبكت معه، طرحته أرضا وأشبعته صفعا وركلا لولا أنه صاح:
_ إلحقوني يا ناس.
فهرع إلينا أربعة من البوابين خلصوه مني فحاولت مواجهتهم فتكاثروا علي ودفعوني بعيدا بكل ما بهم من قوة وأنا أقاومهم.
ومن حسن حظي أن وصل ثلاثة من السكان من اليمنيين فحالوا بيني وبينهم وحملوني إلى شقتي وهو يمطرنا بالشتائم المقذعة ويتوعدني بالسجن والعقاب.
عندما فتحت الزوجة لي الباب ورأت منظري وأنا اتميز من الغيظ فطمأنتها. وتحاملت على نفسي وذهبت إلى قسم الشرطة واتهمت البواب بأنه قد أعتدى علي وضربني مع مجموعة من أصدقائه، فسألني الضابط:
_ معك شهود يا أستاذ ؟
_ أيوه معي شهود ثلاثة من اليمنيين.
وعاد الضابط يسألني:
_ ما فيش مصريين شهود ؟
هززت رأسي نافيا فتحدث:
ـ أصلا سيطعن في شهادة أصحابك لأنهم بلدياتك، سيقول تعصبوا معك.
وسكب لي الشاي قائلا:
_ أنت أول يمني يعمل مشاكل مع البواب
وزلت لساني:
ـ أصلا أنا أكتب قصص وأردت أن أخوض التجربة.
استغرب الضابط:
ـ كيف يعني تخوض التجربة؟!
صمت فقد أدركت أنني تورطت.
فعاد يسألني:
_ يعني تخوض التجربة تقوم تضرب البواب علشان تكتب قصة صح؟!
وضحكت رغم بي من الألم والأوجاع:
_ أيوه صح ضربته لأجل أكتب قصة لكنهم تكاثروا علي وضربوني.
وأضفت:
_والبواب شخص نصاب وحرامي وكل يوم عايز مني فلوس.
أقترح الضابط أن يأتي بالبواب ونعمل صلح ونسحب المحضر وهو ما حدث.
وبعد أيام بعد أن بدأت جروحي تلتئم بدأت أكتب القصة ولسوء حظي لم أتمكن من الكتابة.
وقررت خوض تجربة جديدة.
خرجت أرتشف الشاي بالبلكونة فرأيت في البلكونة المقابلة لنا فتاة قدرت عمرها بحوالي 17 سنة وقد جلست على كرسي وبيدها كتاب تقرأها وقلت لنفسي:
_ هي هذه التي يخوض معها الكاتب تجربة مش يتضارب مع البواب.!
وناديتها:
_ بس بس بس بس.
التفتت إلي:
_في إيه؟!
وأضافت:
_ أنت بتنده على قطة ؟ عايز إيه ؟!
سألتها:
_ أنت اسمك إيه ؟
_ مها.
_ وأنت اسمك إيه يا عمو ؟
_ عمو من أولها لا أنا زعلت منك.
_ أنت عايز إيه ؟
_ عايز أتعرف وأخوض التجربة.
أشارت بيدها ناحيتي قائلة:
_ ما بلاش يا عمو.
لم أفهم وأصررت على طلبي:
_ نتعرف على بعض ونحب بعض.
واصلت الإشارة بيدها نحوي:
_ ما بلاااش.
_ لا أنا مصمم أخوض التجربة
_ أنت بتهزر يا عمو صح ؟
_لا أنا مصمم أخوض التجربة.
ولم أكمل تلك الجملة حتى أحسست بيد غليظة تمسك بي من الخلف وتسحبني إلى الداخل، لقد كانت زوجتي تقف خلفي وتشاهد المسرحية السخيفة التي تحدث فنفذ صبرها فألقت القبض علي. ورغم أني أقسمت لها الأيمان المغلطة أن غرضي شريف؛ وأنني فقط أريد خوض تجربة حب لأكتب قصة قصيرة، وإذا طالت قصة الحب ممكن أكتب رواية، إلا أنها لم تستوعب الأمر واشتبكنا في معركة حامية الوطيس، وكسرنا نصف أدوات المطبخ، وبقينا بعدها لأيام نعالج جروحنا.
بعد أيام خرجت أتوكأ على عكاز وعندما رأتني مها وزميلاتها وهن عائدات من المدرسة أشارت لهن نحوي وانفجرن بالضحك، إحدى البنات سألتني بسخرية:
ـ إزيك يا عمو العاشق ؟!
جرجرت نفسي ومضيت بألآمي وضحكاتهن تلاحقني كرشقات حجارة.
والمشكلة أنني لا كتبت قصة قصيرة ولا سلمت من الضرب.!
هيثم الزبيدي.. في وداع مقاتل نبيل
مشروع الإنفصال وداعميه
ثقب الأوزون لا علاقة له بالأمر… لكن المياحي فعلها!
صالح وتعز
جريمة قتل بشعة ووحشية تفجع الجنوبيين وتحرق قلوبهم؟