الاثنين 5 مايو 2025
ممارسات سلطانية في بلد ديمقراطي 
الساعة 10:37 مساءً
مصطفى الجبزي مصطفى الجبزي

أنا أيضاً أود أن أهنئ وأبارك.
لكني لست مسؤولاً، ولم أكن يوماً مسؤولاً، ولا أنتظر أن يُكلَّفني أحد بمنصب في القريب العاجل.
ومع ذلك، هناك إلحاح في تصدير التهاني؛ إنها لحظة الحاضر.

هذا السيل المتدفّق من التهاني الموجّهة إلى مسؤول جديد، صادرة من مسؤولين حاليين وسابقين، يثير تساؤلات حول القيمة الأخلاقية لهذه التهاني، وعن وظيفتها العملية والبراغماتية، وعن مدى صدقها، وعن أثرها في وعي الناس ووجدانهم.

هل يبدو المنصب تشريفاً إلى هذا الحد؟ أم هو غنيمة؟ أم نجاح فردي؟ أم تقدير للمثابرة والجد؟

في الحقيقة، إن تولي مناصب رفيعة في هذه المرحلة يستدعي رثاءً وشفقةً ودعاءً بالعون، لا تهنئةً.

أشفق على من سيتبوأ منصباً كرئيس للوزراء أو رئيس للجمهورية.

ولنفترض أننا تجاوزنا مسألة تحمّل المسؤولية، وشدّ الأعصاب، والسهر على المصالح العامة، وهول مواجهة الأزمات المتلاحقة، أو افترضنا أنها غير موجودة أصلًا.
فهناك جانب آخر: دهاليز الحكم، والحبكات الخفية، والصراعات، والحروب البينية.

في هذا المناخ، تتحول التهاني إلى تكلّف يتجاوز الحس الإنساني والتقدير.
بل إن أول المهنئين كثيراً ما يكون من أشد الخصوم والمنافسين.
والتهنئة هنا ليست اعترافاً بالجدارة والفوز، بل هي هروب إلى الأمام.

لماذا ندّعي أننا في بلد ديمقراطي، ونمارس هذه المبارزات السلطانية؟

في أقرب تحوّل إداري أو سياسي، يبرز الإرث التاريخي الكبير من الممارسات السلطانية والأساليب البائدة الخارجة عن المسؤولية.
المنصب هنا هو غنيمة القبيلة وحصتها.
حتى الأحزاب تحوّلت إلى تعبير عصري عن القبيلة، وهي عصبية جماعية خارج البرامج والمشاريع والحلول.

أتذكر كيف كانت الصحف اليمنية، في الأعياد الوطنية أو المناسبات الدينية الرسمية، تتحول إلى منصات للتهاني.
عشرون صفحة في صحيفة "الثورة" الرسمية، كلها تهاني من أفراد، وكبار مسؤولين، وشركات، ورجال أعمال، موجهة إلى "فخامته".

كانت البلاد ملكية بثياب مختلفة.

سلسلة التهاني التي لا تنتهي...

لقد عشت عشر سنوات في بلاد لها تركة ملكية وإمبراطورية ثقيلة جدًا، تتدخل في كل تفاصيل الحكم ورموزه.
ومع ذلك، لا أحد يهنئ أحداً.

يذهب وزير ويأتي آخر، فيقول الناس: ننتظر النتائج.

لا تمحقوا أصدقاءكم بسيل التهاني.
قدّموها شخصياً، في الخفاء، عبر الهواتف والرسائل.
لكن الأهم: اسدوا لهم نصائح تسهم في تجاوز ما نحن عليه.
لا على طريقة "وعاظ السلاطين" كما يقول علي الوردي. انما من موقع المسؤول والصديق الصدوق. 
 
بالمناسبة في الفرنسية هناك اكثر من صيغة إذا أردت ان تقول لاحدهم حظاً موفقاً أمام امتحان ما 

منها 
Bonne chance
حظاً موفقاً 
Courage 
حرفيا شجاعة ولكن يمكن اعتبارها اتمنى لك الصبر والجَلَد. 

واخيراً يمكن ايضا استخدام كلمة   merde 
وهذه لن أترجمها . 
 


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار