الاثنين 19 مايو 2025
اليمن بين خطابي بن سلمان والعليمي … خلطة ستوكهولم + خارطة طريق 
الساعة 06:22 مساءً
د. عبدالقادر الجنيد د. عبدالقادر الجنيد

سوف نستعمل هذه المؤشرات الحديثة  من هذا الأسبوع لبحث ما سيحدث لليمن في العام أو العامين القادمين:
١- موقف السعودية من الاستفادة من قصف ترامب للحوثي
٢- كلمة ولي العهد السعودي أمام ترامب
٣- طلب رئيس مجلس رئاسة اليمن في قمة بغداد
٤- بيان قمة بغداد بشأن اليمن
**
أولا: السعودية والحرب البرية
**
قصف الرئيس الأمريكي ترامب الحوثيين من الجو في ١٥ مارس ٢٠٢٥ ثم استمر لمدة ٥٢ يوم.
كانت هناك توقعات باندلاع الحرب البرية من جهة الشرعية لتحرير اليمن من سيطرة الحوثيين.
كانت هناك توقعات سقطت وتهاوت حتى أصبحت رغبات ثم مناشدات ثم أحلام ثم أوهام ثم إحباطات ثم غضب وانزواء ونسيان.
الذي بدد أوهام الحرب البرية، هو السعودية.
جمع السفير السعودي محمد سعيد آل جابر الأشياء التي سبق وأن صنعها أثناء صناعة المجلس الرئاسي في ٧ ابريل ٢٠٢٢ والتي هي: "هيئة التشاور والمصالحة"، و"المكونات السياسية في اليمن"، وأضاف إليها "التكتل الوطني للأحزاب اليمن" الذي سبق وأن صنعه هو أيضا في مؤتمر من تمويل السعودية في سيئون- حضرموت، وتم دعوة قادة "أحزاب اليمن" المُدجَّنة.
وفهمنا أن موقف السعودية الرسمي، هو: "لا يمكن قيام حرب برية".
وإذا قالت السعودية: "لا" فإن الشرعية تتبعها مثل ظلها وتردد بعدها: "لا".
السعودية هي الأهم في مسألة اليمن.
السعودية هي أهم صانع للقرارات الداخلية والإقليمية والدولية الخاصة بمصير اليمن.
وقد تطور موقف السعودية وقد تغير تجاه الحوثيين وتجاه إيران بحيث أصبح مخالفا لما كان عليه عندما ابتدأت هي حرب اليمن في عاصفة الحزم في ٢٦ مارس ٢٠٢٥.
السعودية قد قررت الآن استيعاب الحوثيين، وهذا لا يناسب اليمنيين.
لا يهم إن كان القرار السعودي هو القرار الصائب أم لا.
المهم هو أنهم قد تغيروا بينما لا يوجد أي أحد يصف هذا التغيير.
السعوديون، الآن أقرب إلى الحوثيين منهم إلى اليمنيين.
أي أن اليمنيين والسعوديين قد أصبحوا مختلفين.
إذا كان "أشقاؤنا" في السعودية و "أصحابنا" في الشرعية ينكرون أن هناك اختلافات، فسوف يكون مشوقا لنا أن "نتفرج" عليهم وهو يشرحون لنا عن جوانب ما يتفقون عليه.
**
ثانيا: كلمة بن سلمان أمام ترامب
**
ولي العهد السعودي، قال لترامب :
"نشجع الجهود المبذولة لتحقيق حل سلمي شامل لليمن"
جملة قصيرة يتيمة تغني عن ألف كلمة.
بالرغم من التصرفات السعودية الواضحة على الأرض— القديمة والحديثة— بأن السعودية قد قررت منع نشوب أي حرب في اليمن، إلا أن البعض من قادة مجلس الرئاسة مازال يردد أنه سيحرر صنعاء "سلما أو حربا".
هذه الجملة القصيرة أمام ترامب من ولي العهد السعودي كان المفروض أن تنهي كل الغموض عن جهود تحرير اليمن بالقوة.
ترامب، لن يفعل في اليمن إلا ما يريده بن سلمان.
الشرعية، لن تفعل في اليمن إلا ما يريده بن سلمان.
وبعد كل هذا سمعنا يوم أمس كلمة رئيس مجلس الرئاسة اليمني الدكتور رشاد العليمي في مؤتمر القمة العربية في بغداد.
**
ثالثا: رئيس اليمن في القمة العربية
**
أهم ما يعنينا، بشأن موضوعنا اليوم، عن السعودية والحوثيين واليمنيين، هو:
١- تأييد بن سلمان
*
رشاد العليمي، قال:
 "نشيد بجهود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتعزيز الاستقرار في المنطقة."
المعنى واضح: الشرعية الرسمية تقول نفس ما تقوله السعودية الرسمية، مهما كانت التحولات والتغيرات.
٢- التنديد بإيران
*
رشاد العليمي، قال:
 "التدخلات الخارجية ومحاولات التمزيق تهدد دولنا العربية".
هذا يعني إيران فقط، وهي بالتأكيد أحد الممزقين لليمن.
ولكن هناك آخرون يمزقون اليمن ولا يمكن أن يذكرهم الرئيس.
٣- الحوثيون خطر على السعودية
*
رشاد العليمي، قال: 
"الميليشيات تهديد عابر للحدود وليست مجرد خطر محلي".
هذه محاولة جيدة للفت نظر السعودية وغيرها إلى أن الحوثيين خطر عليها أيضا.
وكأن السعودية لا تعرف.
السعودية تعرف هذا حق المعرفة وقد أظهرت فهمها للخطر الحوثي عندما شنت حرب اليمن وهي من ابتدأت عاصفة الحزم قبل ١٠ سنوات.
لكن السعودية- الآن-  قد تغيرت.
٤- الحوثي إرهابي
*
رشاد العليمي، قال:
 "منذ أكثر من 10 سنوات نواجه إرهاب جماعة الحوثي في اليمن"
هذا يعني أنه لا يمكن عقد سلام مع الإرهابيين.
هذا هو الذي مازال يقوله اليمنيون، ولم يتغيروا بعد بشأنه.
هنا يبتدئ الرئيس اليمني بالاختلاف عن ولي العهد السعودي.
٥- الحوثي لا يمكن أن يتغير
*
رشاد العليمي، قال:
 "استنفدت جميع الجهود لإقناع جماعة الحوثي بالتخلي عن مشروعها"
هذا يعني أن الحوثي، مصمم على رأيه ولن يتغير.
وأن الحوثي مازال يريد السيطرة على اليمن بالقوة.
وأن الحوثي لا يمكن أن يقبل بجيش يمني وطني واحد،  تحت قائد واحد.
وأن الحوثي لا يمكن التوصل معه لحل سلمي شامل لمشكلة اليمن.
٦- ردع الحوثي
*
رشاد العليمي، قال: 
"نطلب من القادة العرب المساعدة في ردع الحوثيين".
هنا سوف نقع في إشكالية بسبب "تناقض" كلمة بن سلمان أمام ترامب مع كلمة بن العليمي أمام قمة بغداد.
بن سلمان، طلب حل سلمي مع الحوثي.
بن العليمي، طلب ردع الحوثي.
**
رابعا: بيان القمة العربية
**
وجدنا مشكلة اليمن مختبئة بين السطور في البيان الختامي لمؤتمر القمة العربية في بغداد:
١- هل دعموا رشاد أم لم يدعموا؟
*
 "جدد القادة العرب الدعم للمجلس الرئاسي في اليمن ومساندة جهود الحكومة لتحقيق المصالحة"
ولكن:
أ- لا يوجد جهد للحكومة اليمنية لتحقيق المصالحة.
ب- لا يمكن أن تتم المصالحة مع الحوثيين أو الانفصاليين.
ج- الرئيس رشاد العليمي لم يذكر أي شيئ عن المصالحة ولكنه طلب مساعدته في ردع الحوثيين.
د- قالوا أنهم يدعمون بن العليمي ولكنهم انقلبوا عليه في نفس الجملة ولم يدعمونه.
٢- تأييد جهد الأمم المتحدة
*
"يؤيد القادة العرب المساعي الأممية لحل مشكلة اليمن"
سمعة المبعوثين الأمميين، غير لطيفة عند اليمنيين.
أ- بن عمر
*
المبعوث جمال بن عمر، كان في صعدة عند عبدالملك الحوثي في صعدة أثناء اقتحامهم لصنعاء وبعد ذلك بيومين قفز إلى صنعاء ليجمل ويزين الانقلاب الحوثي ب:
 "اتفاق السلم والشراكة".
"اتفاق السلم والشراكة" كان عملية قتل وإنهاء ل "إتفاق مخرجات الحوار الوطني" الذي هو في الحقيقة الحل الوحيد للتوصل لحل سلمي شامل في اليمن.
المفارقة، هي أن المبعوث الأممي بن عمر كان هو الذي أشرف على مؤتمر الحوار الوطني، ثم كان هو الذي قام بالتخريب.
هذا مسعى وجهد أممي رديئ.
ب- جريفثس
*
المبعوث مارتن جريفثس، هو الذي أنجز "إتفاق ستوكهولم".
فبرك جريفثس "تفاهمات"، لم يوقع عليها الحوثيون ولا الشرعية وأطلقوا عليها: 
"إتفاق ستوكهولم"
هذا مسعى وجهد أممي رديئ.
ج: جروندبيرج
*
المبعوث هانز جروندبرج، شرعن للحوثيين وساهم في تغيير توصيفهم من حركة متمردة إلى طرف نزاع، وساندهم في أزمة البنك المركزي، وانتزع لهم التنازلات من السعودية والشرعية.
وكان ومازال ينادي بتطبيق "خارطة الطريق".
هذا مسعى وجهد أممي رديئ.
٣- تأييد الجهد الإقليمي
*
الجهد الإقليمي، يعني السعودية.
السعودية، كانت قد تفاوضت مباشرة مع الحوثيين وأنجزت من وراء ظهر الشرعية: "خارطة الطريق"
خارطة الطريق السعودية
*
١- تعطي للحوثيين فورا: المعاشات الشهرية لكل موظفيه وميليشياته.
٢- تعطي للحوثيين سريعا مليارات الدولارات لإعادة الإعمار.
٣- تجبر الشرعية على إعطاء الحوثيين 80% من دخل غاز ونفط اليمن
٤- تبدأ الشرعية مفاوضات مع الحوثيين بعد ثلاث سنين لتقرير شكل حكم اليمن والحل السلمي الشامل.
السنة الثالثة من خارطة الطريق
*
… لكن بعد ثلاث سنين في ظل خارطة الطريق هذه سوف تكون الشرعية قد ماتت ودفنت وأكلتها الديدان تحت الأرض.
لا يمكن أن تعيش الشرعية التي هي أصلا ضعيفة في ظل لطمات خارطة الطريق السعودية هذه.
… لكن بعد ثلاث سنين في ظل خارطة الطريق هذه سوف يكون الحوثي أكثر وحشية وأشد ضراوة وقد دعس بأقدامه على رقاب كل أعضاء المجلس الرئاسي اليمني.
كل بنود خارطة الطريق والجداول الزمنية لتنفيذها هي تقوية للحوثيين وإنهاء لليمنيين.
خاتمة
*
١- الإصرار على كلمة: "حل سلمي شامل لمشكلة اليمن"، يعني خلطة من:
إتفاق السلم والشراكة "الحوثي"
إتفاق ستوكهولم "الأممي"
إتفاق خارطة الطريق "السعودي"
٢- صورة مع التحية: إلى "أشقائنا" في السعودية وإلى "أصحابنا" أعضاء مجلس رئاسة اليمن الثمانية.
٣- هذا تنبيه لليمنيين لما ينتظرهم.
 


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار