الثلاثاء 27 مايو 2025
الشيعة وولاية علي.. الرسول يرفض تولية علي أبسط الأمور!
الساعة 02:30 صباحاً
توفيق السامعي توفيق السامعي

لقد أوغل الإماميون الحوثيون اليوم في الحديث عن الولاية حتى أنهم أسقطوا كل تقيا كانوا يتخفون خلفها، وصاروا محرضين وأكثر صراحة وبجاحة في تزوير الدين والأحاديث والقرآن في سبيل مشروعهم السياسي، وهاهم خطباؤهم ومؤدلجوهم يبثون في وعي الناس كل ذلك التزوير، في كل المنابر الدينية والإعلامية والجماهيرية.

كما صاروا يتهمون الدين ذاته بالقصور لأنه لم يعترف بولاية علي، كما يتقيأ خطباء الحوثية في خطاباتهم الأخيرة.

سلك الإماميون الهاشميون كل سبيل لتزوير واختلاق نظريتهم الإمامية، ومحاولة دعمها بكل السبل في إثبات أحقيتهم بالولاية اتكاءً على نسب مزعوم بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.

وكما أولوا النصوص وزوروها وحرفوها في محاولة إثبات الولاية والإمامة في علي وذريته، وعلى أنهم هم ورثة علي في كل شيء، قاموا أيضاً بتزوير وتأويل آية القرابة في سورة الشورى كإشارة لولايتهم، وآيات الخمس، وآيات الجهاد، وآيات الصدقة، وآيات أخرى كثيرة، المهم أن يصلوا إلى السيطرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لقد كان أبو سفيان بن حرب هو أول من لفت نظر الهاشميين إلى جانب الملك من وراثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، بقوله للعباس ليلة استعراض جيش فتح مكة: "والله يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيماً، قال: قلت: يا أبا سفيان، إنها النبوة".

وكررها أبو سفيان مع علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- بعد بيعة المسلمين لأبي بكر في سقيفة بني ساعدة، فقد روى الزهري، قال: "أخبرنا عبدالرزاق، قال: أخبرنا ابن مبارك عن مالك بن مِغْول، عن ابن أبجر قال: لما بويع لأبي بكر – رضي الله عنه- جاء أبو سفيان إلى علي فقال: غلبكم على هذا الأمر أذل أهل بيت في قريش، أما والله لأملأنها خيلاً ورجالاً، قال: فقلت: ما زلتَ عدواً للإسلام وأهله، فما ضر ذلك الإسلامَ وأهله شيئاً، إنا رأينا أبا بكرٍ لها أهلاً".  

يبدو أن الفكرة اختمرت في رؤوس الهاشميين حينها، وبقيت إلى لحظة وفاة النبي –صلى الله عليه وسلم-، حينما أصر العباس على علي أن يكلم النبي في أمر الولاية أو الوصية لبني هاشم بعده، ففي صحيح البخاري، عن ابن عباس، أن عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه- خرج من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا الحسن كيف أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئًا، فأخذ بيده عباس بن عبدالمطلب فقال له: أنت - والله - بعد ثلاث عبد العصا ، وإني والله لأرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سوف يتوفى من وجعه هذا، إني لأعرف وجوه بني عبدالمطلب عند الموت. إذهب بنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلنسأله فيمن هذا الأمر، إن كان فينا علمنا ذلك، وإن كان في غيرنا علمناه، فأوصى بنا، فقال علي: إنا والله لئن سألنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده، وإني والله لا أسألها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. 

وهو نفس الأمر الذي قام به علي والعباس بن عبدالمطلب، يوم دخل النبي –صلى الله عليه وسلم- مكة فاتحاً، قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ جَمَعْتَ لَنَا الْحِجَابَةَ وَالسِّقَايَةَ. فَقَالَ: إِنَّمَا أَعطيتكُم مَا ترزءون وَلم أعطكم مَا ترزءون". 

هو نفس الأمر عندما طالبه بعض ابناء عمه في تولي بعض أمور الصدقة ليعتاشوا منها، فرفض النبي - صلى الله عليه وسلم- توليتهم بعض شؤونها. 

جاء عند مسلم، حدثني عبدالله بن محمد بن أسماء الضبعي، حدثنا جويرية عن مالك، عن الزهري، أن عبدالله بن عبدالله بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب حدثه، أن عبدالمطلب بن ربيعة بن الحارث حدثه قال: اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبدالمطلب، فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين (قالا لي وللفضل بن عباس) إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكلماه، فأمَّرهما على هذه الصدقات، فأديا ما يؤدي الناس، وأصابا مما يصيب الناس!

قال فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب فوقف عليهما، فذكرا له ذلك. فقال علي بن أبي طالب: لا تفعلا، فو الله ما هو بفاعل. فانتحاه ربيعة بن الحارث فقال: والله ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا. فوالله لقد نلت صهر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فما نفسناه عليك. قال علي: أرسلوهما. فانطلقا، واضطجع علي. قال: فلما صلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الظهر سبقناه إلى الحجرة، فقمنا عندها، حتى إذا جاء فأخذ بآذاننا، ثم قال: "أخرجا ما تصرران"، ثم دخل ودخلنا عليه، وهو يومئذ عند زينب بنت جحش. قال: فتواكلنا الكلام، ثم تكلم أحدنا، قال: يا رسول الله، أنت أبر الناس وأوصل الناس، وقد بلغنا النكاح، فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات فنؤدي إليك كما يؤدي الناس، ونصيب كما يصيبون. قال: فسكت طويلاً حتى أردنا أن نكلمه. قال: وجعلت زينب تلمع علينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه. قال: ثم قال [صلى الله عليه وسلم]: إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد؛ إنما هي أوساخ الناس. أدعوا لي محمية (وكان على الخمس) ونوفل بن الحارث بن عبدالمطلب". قال: فجاءاه، فقال لمحمية: "أنكح هذا الغلام ابنتك" (للفضل بن عباس) فأنكحه. وقال لنوفل بن الحارث: "أنكح هذا الغلام ابنتك" (لي) فأنكحني. وقال لمحمية: "أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا". قال الزهري: ولم يسمه لي. 

وقد كره النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يجمع لبني هاشم بين أمر السقاية والحجابة حين دخل مكة فاتحاً، وقد سأله علي، وعند آخرين العباس. فقد روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ: «إِئْتِنِي بِمِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ» فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَائِمٌ يَنْتَظِرُهُ، حَتَّى أَنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ وَيَقُولُ: مَا يَحْبِسُهُ؟ فَسَعَى إِلَيْهِ رَجُلٌ، وَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي عِنْدَهَا الْمِفْتَاحُ - قَالَ: حَسِبْتُهُ. قَالَ: إِنَّهَا أُمُّ عُثْمَانَ - تَقُولُ: إِنَّهُ إِنْ أَخَذَهُ مِنْكُمْ لَمْ يُعْطِكُمُوهُ أَبَدًا، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى أَعْطَتْهُ الْمِفْتَاحَ، فَأَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَفَتَحَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْبَيْتَ، ثُمَّ خَرَجَ، وَالنَّاسُ عِنْدَهُ فَجَلَسَ عَنِد السِّقَايَةِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَئِنْ كُنَّا أُوتِينَا النُّبُوَّةَ وَأُعْطِينَا السِّقَايَةَ، وَأُعْطِينَا الْحِجَابَةَ مَا قَوْمٌ بِأَعْظَمَ نَصِيبًا مِنَّا قَالَ: فَكَأَنَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- كَرِهَ مَقَالَتَهُ، ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ، وقال: غيّبه". 

وقال أيضاً: حدثت به ابْنَ عَبَيْنَةَ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِعَلِيَّ يَوْمَئِذٍ حِينَ كَلَّمَهُ فِي الْمِفْتَاحٍ: إِنَّمَا أَعْطَيْتُكُمْ مَا تُرْزَءُونَ، وَلَمْ أُعْطِكُمْ مَا تَرْزَءُونَ"، يَقُولُ: أَعْطَيْتُكُمُ السَّقَايَةً لِأَنَّكُمْ تَغْرَمُونَ فِيهَا وَلَمْ أُعْطِكُمُ الْبَيْتَ؛ أَيْ أَنَّهُمْ بِأَخْذِهِ يَأْخُذونَ مِنْ هَدِيَّتِهِ، قَوْلُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. 

فإذا كان النبي –صلى الله عليه وسلم- رفض تولية علي أو بني هاشم عموماً حجابة الحج فكيف يوصي لهم بما هو أعظم، وهو الولاية في تولية شؤون المسلمين العامة؟!

ولقد دحضت عائشة –رضي الله عنها- مسألة الولاية والوصاية لعلي، وهو يعلم ذلك جيداً، عند وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث تناهى إلى سمعها - رضي الله عنها- أن أناساً يتحدثون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى بالولاية لعلي، فنفت ذلك قطعاً، وقد جاء عند البخاري: حدثنا عبدالله بن محمد، أخبرني أزهر، أخبرنا ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود قال: "ذكر عند عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى إلى علي، فقالت: من قاله؟ لقد رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وإني لمسندته إلى صدري فدعا بالطست فانخنث فمات فما شعر، فكيف أوصى إلى علي؟!". 

ولهذا السبب تكره الشيعة عائشة وتسبها وتسب أباها؛ لأنهما لم يعترفا لعلي في ولاية ولا وصية ولا ميراث حينما أراد بنو هاشم أن يحولوا النبوة إلى وراثة وملك.

فبينما تقول الروايات أن علي اعتزل في بيته رافضاً في البداية مبايعة أبي بكر، هناك روايات أخرى، ومن بينها روايات شيعية تدحض هذا الأمر؛ فقد ذكرت تلك الروايات أن علي أقسم أن يعتزل الناس ولا يكلم أحداً حتى يجمع المصحف ويخطه بخطه، فلما انتهى من ذلك ذهب إلى أبي بكر وقال له: الآن أبايعك!


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار