آخر الأخبار


السبت 24 مايو 2025
في اليمن، لا تحتاج إلى بطاقة هوية بقدر ما تحتاج إلى شجرة نسب. في الجمهورية التي قيل إنها تأسست على أنقاض الإمامة، كانت كل الطرق تؤدي إلى الأسرة. لا فرق بين القبيلة والحزب، ولا بين الحاكم والمعارض، الجميع أبناء العم، وأحفاد ذات العمامة.
فيا أعزاء الإصلاح، يا من تسكنون ظلال آل الأحمر وتنامون على وسادة "المبادئ"، ألم يكن الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر رئيساً لمجلس النواب باسم الشعب، في حين كان أولاده يحتلون المقاعد كأن البرلمان مجلس عائلي؟ الشيخ حمير، الشيخ حميد، الشيخ حسين، الشيخ هاشم، وحتى صادق في مجلس الشورى، طيف أحمر يتكرر أكثر من كتلة الاشتراكيين شريك الوحدة اليمنية مجتمعين.
طبعا لم يكن الأمر محرجا بالنسبة لكم، ولم تكن هناك بيانات "استياء"، لأن العائلة أولى بالمعروف. فلماذا اليوم تغضبون من علي عبد الله صالح؟ أليس هو الآخر ابن عائلة؟ لم يقصر في خدمة أقاربه: علي محسن، شقيق من أم، بيده الفرقة الأولى مدرع؛ أحمد علي، الابن المدلل، يقود الحرس الجمهوري؛ يحيى، وعمار، وطارق، كلهم في الأمن والمخابرات والقوات الخاصة. وكأن الوطن شركة قابضة، كل فرع فيها له مدير من أبناء العم أو أولاد الخالة.
أنتم والإصلاحيون، وهو وحزبه، لا فرق. نفس لعبة الكراسي، نفس عقلية "هذا لي وهذا لك"، ونفس الاحتقار الصامت للمواطن الذي لا يحمل سوى بطاقة شخصية لا تؤهله لشيء.
بل، لنذهب أعمق: أليس عبد الله بن حسين الأحمر نفسه قد اعترف في مذكراته أن علي عبد الله صالح هو من طلب منه، بصفته "إخوانيا"، أن يؤسس التجمع اليمني للإصلاح كيد رديفة للمؤتمر الشعبي العام، لمواجهة الحزب الاشتراكي؟ إذا، متى كنتم فعلا معارضة؟ ومتى كنتم حقا شعبا؟ أنتم أذرع، أنتم شركاء، أنتم ورثة مثل بقية الوراثين.
لذلك كفى تمثيلا. كفى صراخا من فوق ركام الأخلاق التي هدمتموها بأيديكم.
الجمهورية التي حلم بها اليمنيون لم تكن مزرعة عائلية، ولا شركة أمنية، ولا قبيلة مسلحة فقط .
بل كانت حلما بأن من لا "ظهر له" سيكون له "حق"، لكنكم جميعا، بالعمامة والبزة العسكرية، وأصوات خطباء الجمعة، ذبحتم ذلك الحلم، ووزعتم لحمه على موائد العائلة.
على إن الفرق بينكم وبين صالح ليس في المنهج، بل في من حظي بالكعكة أولاً.
نعم : أنتم غاضبون ليس لأنه خان الجمهورية، بل لأنه لم يقاسمها بعدل بينكم.!
ونعم، أنا غاضب. وحزين. لا لأني منكم، بل لأني من هؤلاء اليمنيين الذين ظنوا أن الجمهورية فكرة، وأن الدستور أسمى من المصاهرة، وأن البرلمان مكان للرقابة لا للوراثة.
لكن الحقيقة صادمة: نحن عالقون بين الورثة، بين من يحتكرون الله، ومن يحتكرون الأرض، ومن يحتكرون التاريخ، ولا أحد بينكم احتكر شيئا اسمه "الضمير".
فمن يعتذر لنا؟ من يعترف بجريمته؟ من يكتب لنا أول دستور غير مكتوب بمداد العائلة؟ ومتى تُفتح الجمهورية، لا كمنصب ولا كمهرجان، بل كحقيقة؟
إلى أن يحدث ذلك، فلتبقَ جمهورية اليمن بين قوسين كبيرين: (جمهورية الورثة والوراثين).!
فهمتم ما فهمتم مش مشكلتي
انتهى كما يقول هشام دماج
او بالغة الحبشية
( يللم)
صاروخ تحت منزلي
جمهورية الورثة والوراثين: كشف حساب بلا رحمة
تعز في مفترق طرق : مرشحون لمنصب المحافظ
الذاكرة المحبوسة والمنفى: عن نخب تنتظر ولا تعود
اللاشعور الحوثي..!