الخميس 8 مايو 2025
مسرح العبث
الساعة 05:15 مساءً
حمود أبوطالب حمود أبوطالب

أصبح مسرح العبث واسعاً جداً في العالم، وتجاوزت عبثيته حدود كل خيال قد يخطر ببال إنسان، وللأسف فإن منطقتنا تحظى بقدر وافر من عروض العبث التي يصعب تصديق حدوثها، في الزمن الذي وصل خلاله العلم والفكر والثقافة والوعي مستويات عالية كان يُفترض استطاعتها الحد من الهمجية التي يذهب ضحاياها الأبرياء.

من أحدث فصول العبث ما تم إعلانه مؤخراً عن اتفاق بين أمريكا وجماعة الحوثيين، تتوقف بموجبه الجماعة عن مهاجمة السفن وتهديد خط الملاحة الحيوي على أن تتوقف الهجمات الجوية الأمريكية الكثيفة على المنشآت العسكرية الحوثية ومخازن الأسلحة ومقرات القيادات العسكرية، وهي هجمات مستمرة منذ فترة ليست قصيرة، أحدثت تدميراً هائلاً في مختلف المناطق اليمنية. هكذا، وبكل بساطة أعلنت الجماعة أن لا قدرة لها على الصمود أكثر، وفي الجانب الآخر لم يكن في الحسابات الأمريكية سوى سلامة السفن وتأمين الممرات، وليذهب اليمن واليمنيون إلى الجحيم بفعل سيطرة الحوثيين وممارساتهم التي تمثل أقصى مستويات التخلف السياسي والفكري والإنساني منذ أكثر من عشرة أعوام.

شيء مخجل أن يقف العالم الحديث ومنظماته وقوانينه الإنسانية متفرجاً على مأساة مكتملة الأركان يعاني منها قرابة ثلاثين مليون إنسان يمثلون شعب اليمن، ولا يفعل تجاههم شيئاً سوى ضمان اقتصاده وتجارته، ونفس الشيء تقريباً ما يحدث في غزة، أكثر من مليوني شخص يعانون المجاعة والمرض وبشاعة الآلة العسكرية الإسرائيلية، بينما من يسمون أنفسهم رعاة السلام ينقلون طاولات مفاوضاتهم من مكان لآخر، دون اكتراث بعدد القتلى الذي يزداد كل لحظة.

هناك أماكن كثيرة ينشط فيها مسرح العبث، لكن اليمن وغزة الآن هما أبرز تجلياته وأكثرها إهانة للإنسانية، الشعوب لم تعد ذات قيمة، القيمة أصبحت الآن تعطى لاعتبارات أخرى وحسابات أخرى ليس من ضمنها الإنسان.

نقلا عن "عكاظ"


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار