الأحد 1 يونيو 2025
الرئيس: هددونا فقَرَّرنا...إعادة الطائرة الرابعة إلى صنعاء
الساعة 08:13 مساءً
فتحي أبو النصر فتحي أبو النصر


 

ذات مساء يمني ثقيل، خرج علينا "الرئيس الشرعي" رشاد العليمي باعتراف مذهل، لا يقل غرابة عن كونه رئيسا لدولة بلا قرار، ولا جيش يردع، ولا حتى موقف يحفظ ماء وجه الشرعية التي باتت، كما يبدو، تحت إدارة الطائرات المُسيرة وتهديدات الحوثي المسترسلة من كهوف صعدة إلى قاعات الاجتماعات الدولية.

"هددونا فقَرَّرنا"...
جملة لو قيلت في مسرحية لضحك الجمهور طويلا، لكنه ضحكٌ ممزوج بالمرارة، لأن قائلها ليس كوميديا، بل رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، والذي يفترض أنه قائد أعلى للقوات المسلحة، لا متحدث رسمي باسم لجنة الاستسلام الوطني.
 فأن يقول رئيس جمهورية – حتى لو كانت "مؤقتة" أو "معترف بها دوليا" – إنه أعاد الطائرة الرابعة إلى صنعاء لأن الح..وثيين هددوا بقصف المطارات، هو بمثابة كتابة بيان اعتزال رسمي للكرامة السياسية والسيادة الوطنية على ورقة "سفريات".
نعم: فخامة الرئيس.. ولتسامحني في توصيفي وأنا أسمع كلامك أمام المحاور " المطنن". في مقابلتك أمام المستمع الروسي قبل العربي أو المستمع اليمني!

نعم: كيف نُقنِع العالم أن هذه الشرعية هي التي تمثل اليمنيين؟!
وهي تسلم الطائرات طوعا، لا كغنائم حرب بل كهدايا سلام مذل؟
بل كيف نُقنع الشعب اليمني نفسه أن هناك دولة، حين نرى المجلس الرئاسي بكامله يتصرف وكأنه لجنة استقبال في فندق 5 نجوم تنتظر تعليمات من جماعة الحوثي عبر تطبيق "تلغرام" أو "إيمو"؟

طائرات تسلم مقابل سلامة مطارات.....!
وغداً، قد تُسلَّم المدن مقابل عدم قصف القصور..
وبعده تُمنح الوزارات مقابل عدم مضايقة الوزراء في منفاهم،
وفي النهاية، سنجد أنفسنا نسلم الشرعية نفسها مقابل وعد بعدم السخرية منها في إعلام الحوثي.

والشاهد أن الرئيس العليمي ظهر مبررا، متفلسفا،  متذاكيا، محاولا أن يبدو كقائد حكيم يُجنّب البلاد "الدمار"، لكنه لم يدرك أنه يجلب إليها الإذلال، وأن تسليم الطائرة هو ليس مجرد قرار فني أو لوجستي، بل موقف سيادي – أو يفترض أن يكون كذلك – لكنه تعامل معه كما يتعامل موظف مطار مع أمتعة مفقودة.!
ولكن:

هل من حق الحوثي أن يهدد فيستجيب له رئيس الدولة؟
وما قيمة الجيوش والرتب والمناورات إن كان القرار بيد تهديد فيسبوكي؟
ثم هل الشرعية اليوم بحاجة إلى أكثر من هذا الموقف لتفقد ما تبقى من دعم دولي؟
نعم ، من يراهن على المجتمع الدولي وهو يسلم المطارات والطائرات بهذه الطريقة، عليه أن يعلم أن المجتمع الدولي لا يعترف بالضعفاء إلا كضحايا أو أوراق ضغط مؤقتة.

نعم، نحن في معركة مع الحوثي – كما قلت – ولسنا في نزاع عقاري أو خلاف على رحلة حج.
ومَن لا يعرف الفرق بين التهديد السيادي والابتزاز الوقح، لا يستحق أن يكون في موقع القرار.
وإذا كان الحوثي قد أدرك أن العليمي يسلم الطائرات فور التهديد، فماذا تظنون أنه سيفعل حين يريد الطائرتين المتبقيتين؟
تهديد بسيط من نوع: "أعطونا الطائرتين وإلا سننشر صور أقمار صناعية للمطارات!"
وسيتم التسليم فوراً، بل وربما مع باقة ورد اعتذار.

لذلك أيها السادة، ليست المأساة في الطائرة
ولا حتى في المطار..
بل في هذا الخطاب الرسمي الذي أصبح أكثر خضوعاً من خطاب موظف أممي في صنعاء
وأكثر طواعية من متحدث حوثي في قناة تابعة للتحالف!

بمعنى أدق فإن العليمي يريد أن يبدو "عقلانيا"، لكنه يظهر كمن يحفر قبر الشرعية بيديه.
وكتائب الإعلام التي تروج لهذا الموقف الاستسلامي كأنه "انتصار دبلوماسي" تذكرنا بالمثل الشهير: "يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، لكنهم هنا "يسلمون الطائرة ويمشون في موكب الاحتفال".

ولذلك 
لا أحد يطلب من العليمي أن يتحول إلى نابليون أو حتى إلى أيوب طارش
لكن على الأقل، أن لا يكون "مندوب تسليم" في شركة DHL خاصة بالحوثيين
وأن لا يضع البلاد رهينة لتهديدات، لا تُصنف حتى كابتزاز، بل كدعابة مسلحة.

والأخطر من ذلك كله، أن تستمر الشرعية بهذا المستوى من الهشاشة، ثم تتساءل لماذا لم يُهزم الحوثي بعد؟

الجواب بسيط يا سيادة الرئيس: لأنكم لا تحاربون... بل تسلمون.!


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار