آخر الأخبار


الجمعة 23 مايو 2025
كان شعار "الوحدة أو الموت" شعار ترهيب وعنف وإرهاب معنوي فظيع، مارسته قوى متعددة المشارب الأيديولوجية والاتجاهات السياسية والجغرافيا. ولا يوازيه في عنفه سوى شعار "الانفصال" في هذه اللحظة.
تحمس "الإصلاحيون"، شأنهم شأن رجال القبائل والجهاديين، واسكرت ألبابهم نشوة النصر، فاندفعوا لإعادة هندسة المجتمع، حتى غفلوا ومَالوا عن مشروع الوحدة نفسه.
وبعد سنوات، تسلّم الانفصاليون الراية.
تحت وطأة هذا العنف الرمزي والمادي، ومع الاعتياد على الإقصاء، وخفوت الصوت الوحدوي — إمّا يأسًا، أو استسلامًا لثقل الماضي، أو عزوفًا عن خوض معارك الاستنزاف — قررت بعض الأصوات المترنّحة أن تتماهى مع خيار الانفصال، أو على الأقل تغض الطرف عنه.
وهذا الفراغ مغرٍ بتعظيم الأوهام في كل الاتجاهات.
بعضهم ظن أن الساحة خلت له. وبعضهم ظن أن بممارسة التشطير والعنصرية والكهنوت، يمكنه الدفاع عن الوحدة واليمن. وآخرون تاهت بوصلتهم تمامًا.
بعض ممن يؤنبه ضميره على مشاركته في "بقر بطن الوحدة" في الماضي، قرر أن يذهب في الاتجاه المعاكس تمامًا، ويطلب الغفران من خارج المعبد السياسي، أو من جهات لا تملك شرعية سياسية ولا دستورية.
بعضهم لم يعد يدري بأي حبل يتمسك.
كتب محمد المحيميد أن "لولا الحوثي لوقع الانفصال"، لأن "الإمارات لا تخشى الإصلاح". إنه ضباب اللحظة، أو غبارها، ما يدفع إلى هذا النوع من الاختزال.
ففي هذه العتمة الباهرة، لا يرى صاحبنا سوى ثلاثة فواعل: الإصلاح، والحوثي، والإمارات.
هل يُعقل أن الوحدة، في نظر المحيميد، لا ترتبط إلا بذمة الحوثي أو الإصلاح؟ وهل تخشى الإمارات الحوثي إلى هذا الحد؟
ثم يقولون في مقام آخر إن الإمارات استولت على سقطرى وجزيرة ميون! نعم، ميون التي هي أقرب للحوثي من مطار بن غوريون!
فماذا فعل الحوثي هذا الضامن للوحدة والتراب الوطني ؟
قصف بيتاً جديداً في تعز وهدم قرية في البيضاء واعتقل كاتبا في صنعاء.
لقد تجاهل صاحبنا كل أفعال الحوثي التشطيرية، (نصب الحوثي براميل جمارك شطرية وغير المناهج) وهي أفعال لم يجرؤ على ارتكابها حتى "الانتقالي" نفسه. ومع ذلك، يراه صمام أمان للوحدة!
ربما يقصد وحدة "الضم" أو "الهيمنة" أو "الإلحاق" — وحدة يتّسع فيها كهنوت السيّد ويزداد فيها عدد الرعية. وليست وحدة تقوم على الشراكة والمواطنة والانتماء لكل اليمنيين.
لكن لا يهم هذا كثيرًا.
ما يهم، هو أنه أمام العنف الرمزي الانفصالي، وفي ظل هذا التنوع، فلا بد إلى جانب الأصوات "الانفصالية " أن ترتفع عقيرة الصوت الوحدوي، بل وأيضًا صوت وحدوي راديكالي.
لماذا نحتفل ب 22 مايو؟
ابن خلدون في قلب صراعاتنا
ماذا يحدث في صنعاء؟!
الوحدة المغتصبة والانفصال المغرر به!
فخ الحماقة الذي طالما أبطل فعل الحكمة