آخر الأخبار


الأحد 29 يونيو 2025
خرج من مخبئه ليقول كلامًا غير مفهوم ، فارغٍ من أي محتوى واقعي ، أو معبرٍ عما تحتاجه أمته في هذه اللحظة التاريخية من شفافية ، ومنطق ، ومسئولية تتعهد بترميم أوجاعها وإصلاح حالها .
كلام تحركه دوجما نائمة في فراش وثير ، إذا تحركت فإنما لتمد الحرس الثوري بحاجته من القنابل ليوزعها بمعرفته ، وتستخدم حسب الحاجة.
ولا أعتقد أن الشعوب الايرانية ، التي عانت من أشد اللحظات قساوة في تاريخها المعاصر ، ستفهم مثل هذا الخطاب الملغوم بالخطيئة التي جردتها من تاريخيتها لتجعل منها جغرافية محاصرة بعصبية مغتصِبة لبلاد تعودت أن تكون من أكثر بلاد الأرض إرتباطًا بالحياة . كما لا أعتقد أنه سَيُنظر إليه على أنه خطاب لرفع المعنويات ، كما قد يتبادر إلى الذهن ، لسبب واحد وهو أن المعنويات في مثل هذه الظروف لا تُرفع بمثل هكذا خطاب منفصل عن الواقع ، يكتفي بالملاسنة ، وقلب الحقائق كتعبير عن افتقار شديد للثقة في الشعب الذي ينتظر أن يسمع حقيقة ما تعرض له بلده من كارثة .
الشعوب التي يتشكل منها هذا البلد الكبير هي شعوب حية ، ظلت ترتحل من جيل إلى جيل محمولة بتاريخ عريق ، ثم تعاقبت عليها أزمنة القمع .. وكان أسوأها الزمن الذي قمعت فيه بهراوةِ أيديولوجيةٍ كهنوتية خرافية ، وسُحقت شخصيتها بمدافع آيات الله التي ارتدت إلى صدر الأمة بذخيرتها المشبعة بذرات الحق الالهي في الحكم ، واختزلت في شخصية المرشد ونظامه التراتبي الذي كفن البلاد والعباد في عصبية ضيقة ، ودفعت أثمانًا ضخمة مقابل أوهام التمدد الثوري الذي أشعل الفتن والخراب والانقسامات والحروب في البلدان التي اخترقها بمواليه ، ممن خانوا أوطانهم ، ورفعوا راية العصبية الطائفية فوق سارية طاعة المرشد بدلًا من الراية المحمولة بحلم الوطن وكرامة مواطنيه .
كان بإمكانه أن يترك للسياسة مساحة كافية للمناورة ، فالجميع سيقبل من السياسة أن تعلن للعالم أن المشروع النووي "لم يصب بالأضرار التي تمنعه من الاستمرار" ، كما أخذت تكرر في سياقات من السهل إدراك ثقل الخيبة فيها ، لأنها لو كانت قالت الحقيقة لفقدت أهم ورقة في التفاوض ، فالتسليم بتدمير المشروع يترك النظام مكشوفًا بلا أوراق ولا فرص ولا مساومات ، ولا يمكن لأي سياسة ، مهما كانت خائبة ، أن لا تلجأ إلى مثل هذه المناورات ، وخاصة حينما لا تتوفر للخصم الدلائل الدامغة ليدافع عما يدعيه .
في مثل هذه الظروف التي ينفصل فيها القائد عن الواقع فإنه يسحب السياسة إلى المنطقة التي تتلاشى فيها الحدود مع الايديولوجيا الدوجمائية ، وهي المنطقة الأكثر مناسبة للتضليل والخداع ، وتحويل الناس إلى مجرد قطيع لا يسمح لهم بالتفكير .
كان الحوثي ممن انتظروا هذا الخطاب التضليلي ليواصلوا معاركهم في تخريب أوطانهم ، لكنهم هذه المرة لن يكونوا سوى قارعي طبول في مأتمِ مشروعٍ تم تجهيزه للدفن ، وفي أحسن الأحوال "كمن يطرق فوق تابوتٍ ليوقظ من فيه" ، بتعبير الروائي تشيخوف .
لن يلبث أن ينقشع غبار الحرب ليدرك هؤلاء ، إن كانت لهم "قلوب يعقلون بها أو أذان يسمعون بها" ، أن المشروع الذي اصطفوا تحت رايته ، ودمروا أوطانهم لخدمته لم يكن سوى خرافة ألقاها التاريخ في الطريق ليلتقطها أولئك الذين لم تؤهلهم الحياة لشيء إلا للندب والبكاء على أمر اعتقدوا أنهم أضاعوه ، وأن لا حياة لهم إلا بأن يقاتلوا من أجله الى يوم يبعثون ، وكانوا " الأخسرين أعمالًا ، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا".
الحوثيون يجنون اكثر من مليار دولار سنويا من تجارة المخدرات
"حين ينحني التاريخ لنا ليمنحنا فرصة الغفران" رفقاء السلاح .... لاخصوم الأمس
خطاب المرشد: الدوغما، حينما تسحب السياسة الى فوهتها
المحسوبية… آفة العمل المؤسسي
منسيّون
كابوس الرياضيات: قصة طالب ذكي يعانق الفشل قبل أن ينتصر