الاثنين 5 مايو 2025
في عزاء عمر سالم
الساعة 12:28 مساءً
سلمان الحميدي سلمان الحميدي

كنت في طريقي إلى صالة العزاء حين اتصل بي هشام المسوري: "الصالة مزدحمة، رجعنا من هناك. تعال إلى الديوان، في البيت القريب من البيت اللي كان يسكن فيه عمر" ـ الشاب الذي استشهد البارحة، نجل القيادي المعروف عبده فرحان سالم.

ذهبت إلى هناك، لم أكن أعرف عمر من قبل، حين خرجت، كنت متألماً بأكثر مما جئت، بعدما عرفت من يكون.

عمر صغير السن، في العشرينات من عمره، قارئ نهم، غرفته كانت مليئة بقوائم الكتب. يضع علامة صح أمام الكتاب الذي قرأه، ويكتب ملخصاً للكتاب. كان قد حصل على منحة دراسية خارج البلاد، دون معرفة والده، كان يعرف حجم المشاغل التي يعيشها والده ولا يريد أن يكون نقطة ضعف تعيق مهمته الوطنية، في الخارج واجه أزمة التكاليف وكان يبحث عن تدبير أمر السكن، وهكذا كان كلما واجه أزمة؛ كابد ليجتازها خلسة من والده، وحين أُثيرت قضية المنح لأولاد المسؤولين، جازف بها وفضّل أن يترك المنحة على أن يكون سبباً للإساءة لأبيه.

هل تخيلتم نضوج عقل الشاب العشريني، الذي عاد إلى تعز، دون أن يتخلى عن طموحاته العلمية.

في تعز، التحق عمر ليدرس في جامعتين، حكومية وخاصة، محاسبة وعلوم سياسية، وكان متفوق في الجامعتين. لم يرتد يوماً السلاح داخل الحي أو في المدينة، أحدهم قال: "لي ست سنوات في الحارة ومش عارف إنه يروح الجبهة". قلة قليلة هم الذين يعرفون أن عمر كان يقاتل في الصفوف الأمامية مثل أي مقاتلٍ وطني حقيقي.

كان يمكن لعمر أن يعيش مرفّهًا، أن يستغل اسم والده، أن يسير محاطًا بالمرافقين، لكنه اختار أن يعيش عيشة اليمني الشريف صاحب المبدأ.

قبل ذلك، كان عمر لاعب كرة قدم محترفاً في أحد الأندية، لكن إصابةً قاسية أنهت مسيرته الرياضية، ومع ذلك، حافظ على أناقته واهتمامه بمظهره، يرتدي "الترنج" الرياضي، يقود دراجته النارية بلا استعراض، ويغوص في الكتب.

كانت روح عمر ترفرف بأجنحة الأحلام التي ينشدها اليمنيون.

كان عمر أكثر من مجرد شاب عادي؛ كان عقلاً متفتحاً، وقلباً يحمل قيماً إنسانيةً وأخلاقيةً نادرة، جعلته يرفض أن يعيش في الظل، واختار أن يكون في الميدان، بعقل واع لخطر الأعداء، مؤمناً بأن المواجهة واجب، بعيداً عن ابن من تكون..

أكتب هذه التفاصيل ليس تأبيناً لعمر، بل ليكون مثالاً يُحتذى به لأبناء القيادات، ولتتذكر القيادات نفسها أن رجالاً مثل سالم هم من يصنعون الفرق.

نقلا عن صفحة الكاتب على الفيسبوك


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار