آخر الأخبار


الجمعة 9 مايو 2025
من اليسير القول إن الشرق الأوسط ما انفك يتمخض عن انعكاسات هجوم طوفان الأقصى، وإذا أردنا موازنة هذه النتائج بين المصلحة العربية والمصلحة الأميركية والإسرائيلية لوجدنا أن العرب، باستثناء الفلسطينيين، أكثر من استفادوا من تداعيات هذا الهجوم، ويمكن الادعاء أن الفائدة العربية تعادل الفائدة الأميركية والإسرائيلية.
أحدثت نتائج طوفان الأقصى نقلة نوعية في الصدام بين الدول العربية وأذرع إيران المسمومة في المنطقة، وكشفت بما لا يحتمل أدنى مقدار من الشك أن على أذرع إيران أن تفتعل الحروب بل وربما تضحي بنفسها دفاعا عن إيران، ولكن لا تضحي إيران دفاعا عن أدواتها وقد لا تنبس الأخيرة ببنت شفة حين يتم الفتك بأذرعها وذبحهم من الوريد إلى الوريد.
وفي ذات الفكرة لو أخذنا بالمقولة الآتية إن “هجوم طوفان الأقصى صناعة فلسطينية مئة في المئة،” إلا أن إيران استشعرت خطورة هذا الهجوم الذي تجاوز الخطوط الحمراء، ولذلك بدأت بتقديم القرابين من حزب الله ونظام الكبتاغون في سوريا ونهاية بالحوثي الذي رفع الراية البيضاء في اليمن، وقد اعتادت على ابتلاع الإهانات الإسرائيلية كقصف قنصليتها في دمشق و جريمة اغتيال القائد إسماعيل هنية على أرضها، حيث أضحت سياستها المعتمدة للتعامل مع الصفعات الإسرائيلية.
ولا يمكن حقيقة إغفال ما حدث في الأردن من حلّ جماعة الإخوان المسلمين، ولعل هذا الحدث هو الأخير ولكن ليس الآخر في منطقتنا العربية، ومع مرور الأيام قد تتكشف ارتدادات أخرى لطوفان الأقصى.
يعلم بنيامين نتنياهو تماما أنّه قدم خدمة كبيرة للعرب بإضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة، وبالتالي فقد مالت كفّة المحور المناهض لإيران في الدول العربية وحكوماتها، وتجرأ السياسيون بشكل غير مسبوق على أدوات إيران في دولهم، وأضحت الدولة هي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة، واستعادت الدولة العميقة دورها هذا سياسيا. ولكن عسكريا ما جرى في سوريا من الضروري أن ينسحب قريبا على اليمن، بعد إنهاك الحوثيين بشكل كبير، ما دفع البعض لاعتبار هذه اللحظة هي المناسبة لليمنيين الشرفاء للانقضاض على الحوثي والإجهاز عليه.
ومن هنا من مصلحة دول الخليج العربي ومصر القيام بدور مشابه للدور التركي في إسقاط الأسد في سوريا والذي تُحسب له سرعة التحرك والمبادرة، فلن تجد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، باعتبار أن هذه الدول هي أكثر من تضرر من الحوثي، لحظةً أفضل من هذه اللحظة، لدعم القوات اليمنية على الأرض، والانتهاء من هذا التهديد المزعج، وإذا هبت رياحك فاغتنمها.
اليوم، تغيّر الوضع. فقد أضعفت إسرائيل عسكريا حلفاء إيران ودفعتهم لطلب الاستسلام، ما فتح المجال أمام كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر لاستعادة نفوذها في المنطقة العربية ودعم الحلفاء بشكل مباشر وملء الفراغ الذي خلّفته إيران بانسحابها.
سوريا اليوم لن تجد أفضل من الدبلوماسية الإماراتية للتدخل لتخفيف التوتر مع إسرائيل، وهذا يعني تفضيلها للدور العربي الإماراتي على الدور التركي الإقليمي والذي تربطه علاقات دبلوماسية بإسرائيل لأكثر من 74 عاما، ومن المفيد التذكير بأنّ تركيا توسطت قبل الثورة السورية لتحسين العلاقات بين سوريا وإسرائيل بطلب من الأسد الابن شخصيا.
تأسيسا على ما سبق، ما يجري في المنطقة يعكس ذلك التفاهم الضمني بين الولايات المتحدة ودول الخليج وإسرائيل، يقوم طرف بتقليص وتقزيم النفوذ الإيراني عسكريا، بينما يتولى الطرف الآخر تمويل إعادة الإعمار وتوسيع نفوذه في المنطقة.
ولا يقف الأمر عند إيران وأتباعها في الشرق الأوسط، بل هو مرتبط أيضا بحظر حركات الإسلام السياسي وإضعافها، وهذه السمة يشترك فيها الوجه الجديد لدول بلاد الشام، سوريا ولبنان والأردن، فضلا أن هذه الدول لن تسمح بالنشاط العسكري على أراضيها وأيضا لن تسمح بالنشاط السياسي، وبالتالي هناك توجه لمناهضة الفكرة التي تؤسس لامتداد هذه الحركات في بلاد الشام.
يماط اللثام عن وجه الشرق الأوسط الجديد، حيث لا وجود لأي ملامح لإيران أو للإخوان المسلمين، ويبقى هناك جرح نازف اسمه فلسطين.
نقلا عن "العرب"
استسلام إيران… وليس استسلام الحوثيين
اليمن يدفع الثمن في لعبة الكبار
هل تستعصي ادوات ايران
لحم اليمن الحي