آخر الأخبار
الاربعاء 5 فبراير 2025
عملياً، لم يعد للديمقراطية من أثر في اليمن وعلى اليمنيين أخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار عند النظر إلى حاضرهم أو التخطيط لمستقبلهم.
وغياب الديمقراطية لا لأن الانتخابات لم تعد تُنظَّم من سنوات كثيرة إلى درجة ان يكون عمر ولاية عضو البرلمان قد تجاوز العقدين في سابقة لا نظير لها في العالم الديمقراطي ولكن لان كل مقومات الديمقراطية من ممارسات رقابية وحريات مكفولة وامتثال للعقد الاجتماعي واحترام الدستور والقوانين المنبثقة عنه غائبة.
وجود احزاب ونقابات ومنظمات عديدة لا يعني بقاء اثر للديمقراطية لان كل هذه التنظيمات غير قادرة على الحفاظ على السلوك الديمقراطي داخليا ولا قادر على ممارسة رقابة على اداء الحكومة والدفاع عن الناس .
والان في هذه الحرب الطويلة الأمد والانقسام التشطير هل للحديث عن الديمقراطية معنى؟
نعم لانها كانت ستسمح بإدارة افضل للشأن العام وخوض معركة الدفاع عن النظام واستعادة الدولة على نحو اكثر كفاءة.
ها قد تفشت رائحة الفساد مع هذا الجميع في حالة شلل لمعالجة هذا الوباء. وهذه المعركة الشريفة ستتحول في غضون اسابيع قليلة إلى معركة خاسرة وبنتائج عكسية تماما ما قد يؤدي إلى فقدان آخر خيوط الثقة بين الناس وحكومتهم الشرعية وثقة الداخل والخارج بالجهاز التنفيذي للدولة المنقسم في صراعات هي ثاني اهم خطر يهدد النظام الجمهوري بعد التهديد الحوثي.
اقول صادقا ان الصراعات الجارية بين الحكومة ومجلس القيادة هي اخطر ما في هذه المرحلة. تعاطي القوى السياسية عنها املا في تعظيم موقعها او تحسين شروط تعاملها مع كل من الحكومة او مجلس القيادة هو تكرار للطريقة التي دخل بها الحوثيين إلى صنعاء.
اليمن استطاعت منذ انقلاب الحوثي ولسنوات عديدة تجاوز مرحلة الانهيار الكلي وشرعت في اعادة بناء هيكلي للدولة (مشوه لكنه ضروري وتقدم سريعا) رغم ان الحكومة كانت في اسوأ أوضاعها وبلا موارد ولا حضور على الارض ولا موارد ولكن لان آخر ملامح الجهاز التنفيذي كان حاضرا واقصد مؤسسة الرئاسة في بلاد شيدت لان تكون بنظام رئاسي.
كان هادي رئيسا نواماً بامتياز لكن مؤسسة الرئاسة لم تكن بهذه الغفلة والانقسام واستطاعت خوض مشاورات ومفاوضات محلية وخارجية ولملمت اطراف اليمن إلى جانب عبثها بالوظيفة العامة والموارد العامة بطبيعة الحال.
في الحقيقة ادى اعادة هيكلة الشرعية إلى فقدان مؤسسة الرئاسة واقصد بذلك تشرذم القرار.
وفي ظل سيولة القرار في الجهاز التنفيذيوغياب بدايل قانونية او قضائية تضبط العلاقة بين المؤسسات التنفيذية - نحن بلا محكمة دستورية ولا مجلس دولة - فان اي حكومة مهما كانت جادة في مكافحة الفساد ولديها برنامج اصلاح فلن تحقق شيئا وستذهب بعيدا عن الاولويات التي تداهم الناس في الجانب المعيشي والاقتصادي والخدمي..
بل ان الصراعات هذه تفتح الباب لاستمالة المشاريع الانفصالية والتشطيرية اكثر مما حصل.
مكافحة الفساد في ظل تعدد الرؤوس وغياب البيئة التشريعية والعدلية والهياكل اللازم للأمر وضمن اطر دستورية وقانونية على اسس الديمقراطية تتحول إلى أهواء وتنازع وفقدان الغاية النبيلة.
صورة "الشرعية" في أسوا حال أمام شركائها الاقليميين والدوليين. ولهذه انعكاسات خطيرة على ثقة الناس بها وقبل هذا على ثقة المؤسسة العسكرية والامنية سيما والحوثي يحشد لاقتحام مأرب وربما مناطق اخرى.
أنتم أينما وضعتم أنفسكم
الأقيال ضرورة ديالكتيكية
الديمقراطية ومكافحة الفساد