آخر الأخبار


الثلاثاء 22 ابريل 2025
تُعد المحكمة الجنائية الدولية إحدى أبرز المؤسسات القانونية الدولية التي أُنشئت بهدف تحقيق العدالة الدولية ومحاسبة مرتكبي الجرائم الخطيرة كالإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. غير أن الممارسات العملية للمحكمة منذ إنشائها وحتى اليوم أثارت جدلاً واسعاً بشأن حيادها واستقلاليتها، خصوصاً في ظل اتهامات متزايدة بتسييس قراراتها واستغلالها كأداة ضغط سياسي، لا سيما ضد دول العالم النامي.
لقد شهد العقدان الماضيان انسحاب أو امتناع عدد من الدول عن الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، مدفوعين بجملة من الأسباب الجوهرية. في مقدمة هذه الأسباب، تبرز المخاوف المرتبطة بفقدان السيادة القضائية الوطنية لصالح هيئة دولية قد تخضع لتأثيرات سياسية. كما تشعر بعض الدول بأن المحكمة تستهدف قادتها بشكل انتقائي، بينما تتجاهل قضايا وملفات أكثر حساسية تتعلق بأمريكا وإسرائيل أو حليفة للغرب. ويُضاف إلى ذلك التخوف من استخدام المحكمة كوسيلة لإعادة صياغة التوازنات السياسية تحت غطاء القانون الدولي.
وبهذا تحوّلت المحكمة إلى كيان سياسي متحيز خاضع للهيمنة الغربية.
رغم أن المحكمة تأسست وفق ميثاق روما الأساسي الذي ينص على الاستقلال والحياد، إلا أن الممارسة العملية كشفت عن ميل واضح نحو الانتقائية. فمعظم القضايا المفتوحة تتعلق بدول إفريقية وآسيوية، في حين يتم غض الطرف عن جرائم خطيرة ارتكبتها امريكا واسرائيل أو حلفاؤها. هذا الواقع أفضى إلى اتهامات متكررة بأن المحكمة أصبحت أداة سياسية، تخدم مصالح معينة على حساب تحقيق العدالة الشاملة.
وعادة ما يتم استخدام المحكمة كأداة للضغط على الدول النامية
اذ تحول سلاح العدالة الدولية إلى وسيلة لابتزاز الدول النامية، عبر التهديد بفتح تحقيقات جنائية ضد قادتها في حال عدم الاستجابة للإملاءات السياسية الغربية. وتُظهر التجارب أن بعض القضايا تُفعّل أو تُجمّد بناءً على حسابات سياسية بحتة، مما يُفقد المحكمة مصداقيتها ويكرّس نظرة الدول النامية لها كطرف سياسي لا كمرجعية قانونية محايدة.
ولعل اشد ما ضرب مصداقية المحكمة في الصميم وعراها امام دول و شعوب العالم هو التهرب المتعمد من التحقيق في جرائم الحرب الكبرى
حيث رأى العالم المحكمة وهي أداة قبيحة تبرر الجرائم الإنسانية بصمتها وانحيازها للجلاد والمجرم . وواجهت اتهامات مباشرة بالتهرب المتعمد من فتح ملفات تتعلق بجرائم حرب ارتكبتها دول العطرسة والاستكبار ، سواء في الشرق الأوسط أو في مناطق أخرى. ففي حالات موثقة، تذرعت المحكمة بعدم الاختصاص أو تأخرت في بدء التحقيقات رغم وفرة الأدلة الدامغة. هذا السلوك الانتقائي يُعمّق الشكوك حول مدى التزام المحكمة بمبادئ العدالة الشاملة ويعزز الانطباع بأنها تخضع لضغوط سياسية تمنعها من الاقتراب من الخطوط الحمراء التي ترسمها القوى الكبرى.
وبرزت ايضا المعايير المزدوجة في الممارسة القضائية: صراعات دولية نموذجاً .حيث تعد ظاهرة المعايير المزدوجة من أخطر التحديات التي تواجه مصداقية المحكمة. فبينما يتم تحريك القضايا بسرعة ضد بعض القادة في إفريقيا وآسيا، نجد تقاعساً واضحاً في معالجة انتهاكات مشابهة أو أخطر ارتكبتها أطراف أوروبية أو حليفة للغرب. ومما يفاقم هذه الإشكالية أن ممثلي الاتحاد الأوروبي كثيراً ما يلعبون دوراً سياسياً ضاغطاً داخل منظومة المحكمة، مما ينعكس على طبيعة القضايا المختارة ومسار التحقيقات.
إن واقع المحكمة الجنائية الدولية اليوم يطرح أسئلة عميقة بشأن جدوى استمرارها في صورتها الحالية، إذا لم تُجرَ إصلاحات جذرية تضمن استقلالها الكامل وحيادها عن النزاعات السياسية. فاستمرار التسييس والانتقائية في عمل المحكمة سيؤدي حتماً إلى تفاقم أزمة الثقة الدولية بها، خصوصاً من قبل دول الجنوب، التي أصبحت ترى في هذه الهيئة القضائية أداة سياسية بامتياز، لا مؤسسة عدلية محايدة.
ترامب يخلق فراغ قوة عندنا … إن لم نملأه سوف يملؤه غيرنا … والوقت يضيع
المشاط يهدد والشعب يسخر.. وهزيمة الحوثي تقترب
الهروب من الواقع
فلسفة الدولة
حتى لا يتكرر شعار "الانسانية" الملتبس في تعريف ملتبس للدولة
معارك هامشية.. وبوصلة غائبة!