كل شيء يسير حسب ما يريده تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في الرقة شمال سورية. لقد أصبحت "مدينة أشباح" يقول بعض سكانها. حتى قطع الشكولاتة أو الموز باتت جزءا من البذخ، فالندرة في كل شيء أصبحت هي السمة الصارخة والكثيرون لا يجدون ما يسدون به الرمق، حسب شهادات ناشطين من حركة "الرقة تذبح بصمت". في هذه المدينة، التي تعد معقلا لداعش في سورية، تقول شابة في عامها الـ27 "نحن لم نعد نعيش الحياة، لا حياة لنا". الرقة.. سجن كبير والأسوأ من ذلك حسب نشطاء أن فرص الهروب من المدينة تكاد تكون منعدمة، فنقاط التفتيش منتشرة في كل مكان، ومقاتلو داعش يجوبون شوارع المدينة ويمنعون أي شخص من التحرك من دون إذن مسبق منهم. ولم يكتف التنظيم المتشدد بهذه الرقابة، بل يفرض رقابة شديدة على المحتويات التي تنشر ضده على الإنترنت، كما يتعقب ناشطين يفضحون ممارساته ضد السكان. حركة الناس في الأسواق وأمام المحلات التجارية قليلة جدا مقارنة مع ما كانت عليه في السابق. الناس يسيرون ومشاعر الخوف تتملكهم من عقوبة مفاجئة قد تصل الإعدام رميا بالرصاص أو الصلب في الشوارع. التهم في هذه المدينة لا تتطلب أكثر من شراء أو تدخين سيجارة. تقول إحدى ساكنات الرقة، دون ذكر اسمها خوفا من الانتقام، إن الرقة تحولت إلى "مدينة أشباح"، مضيفة أن القصف الروسي أودى بحياة إحدى صديقاتها. تنظر هذه السيدة من حولها وتقول "إنني لا أرى شيئا سوى بعض الطائرات من دون طيار تحلق في سماء المدينة". "خلصونا منهم" ويؤكد أحد مؤسسي صفحة "الرقة تذبح بصمت" عبد العزيز الحمزة لشبكة "CNN" أن مقاتلي داعش يستخدمون السكان كدروع بشرية ويختبئون في منازل الأبرياء هربا من القصف. ويضيف أن الإحباط وصل بالسكان إلى درجة تحمل رعب الضربات الجوية أملا في تخليصهم من داعش. ويطلق أحد نشطاء "الرقة تذبح بصمت" نداء إلى العالم بأن سكان الرقة ليسوا مناصرين لداعش، قائلا بحرقة "العالم كله يجب أن يعلم أننا لسنا داعش، نحن أكثر من عانى من جرائم التنظيم". ويتابع هذا الناشط، الذي لم يكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن السكان يحلمون فقط بأن يعيشوا "حياة عادية" بعد الخلاص من داعش. أما إحدى ساكنات الرقة فاختزلت كل معاناتها في القول "نرجوكم ساعدونا لنجد حياة".