آخر الأخبار


الأحد 18 مايو 2025
طبعا في الثاني والعشرين من مايو، تعلو في قلب كل يمني حر مشاعر متشابكة، متوترة بين الفخر والأسى، وبين الانتماء والجراح.
يوم الوحدة اليمنية ليس مجرد تاريخ في الرزنامة السياسية، بل هو حلم قديم تحقق على أرض الواقع، ثم سرعان ما تم اغتياله تدريجيا، بسكاكين الطمع، والغباء السياسي، والاستثمار الوقح في المظالم.
ومع ذلك، يظل هذا اليوم الخالد أحد أعز الأيام التي عاشها اليمنيون، شمالا وجنوبا، لأن الوحدة في جوهرها ليست مشروعا حزبيا أو صفقة نُسخت في ليل سياسي طويل، بل كانت وما زالت تعبيرا عن توق تاريخي للشعب اليمني نحو كينونة واحدة، وهوية واحدة، ودولة جديرة بأحلامه.
نعم، الوحدة لم تكن مثالية، ولم تُصن كما يجب. نُفذت على عجل، واستحوذ عليها الأقوى في لحظة انكسار للضعيف.
بل تم التعامل معها كغنيمة لا كمصير مشترك، وجرى تكريس الاستبداد باسمها، ثم قُتلت في حرب 1994 حين تحولت من حلم إلى أداة قهر.
على إن هذه الأخطاء لا يجوز التنصل منها أو تبريرها، بل يجب نقدها بمرارة ووضوح، لأنها شوهت المفهوم النبيل للوحدة وزرعت الشك في النفوس.
ولكن، هل تكون الأخطاء مبررا لإلغاء الحلم؟ هل تُجتث فكرة عظيمة لأنها أُسيء تنفيذها؟ أليس من الأجدى إعادة بناء الوحدة على أسس عادلة وشفافة بدلا من دفنها تحت ركام الانفصال؟
والشاهد أن تلك الدعوات الانفصالية التي تعلو اليوم، رغم كل ذرائعها، تنبع في كثير من الأحيان من منطق ثأري، لا مشروع سياسي ناضج.
تزعم استرداد الكرامة، لكنها لا تقدم بديلا وطنيا واضحا، بل تقود نحو مزيد من التشظي، في بلد يتكاثر فيه السلاح وتتآكله الدولة.
وفي ظل هذا الأفق الملبد، تبدو الوحدة أكثر قُدسية، لا أقل. لا لأنها حدث تاريخي فحسب، بل لأنها السبيل الوحيد لنجاة اليمن من التمزق الذي لن يستثني أحدا.
ذلك أن الانفصال لا ينهي الأزمة، بل يُعيد إنتاجها في صور أكثر تعقيداً. وسيناريوهات ما بعد الانفصال ليست وردية كما يروج لها البعض، بل مشحونة بتوازنات قبلية، وصراعات مصالح، وتدخلات خارجية ستتغذى على الانقسام، وتُعمق من مآسي اليمنيين.
لذلك فإن المطلوب اليوم ليس نفي المظالم الجنوبية، بل الاعتراف بها، والاعتذار عنها، والعمل الجاد على تصحيح المسار.
كما أن المطلوب أيضا ليس دفن الوحدة، بل إنقاذها من قبضة الفساد والاستبداد والعبث. فالوحدة يجب أن تكون عقدا اجتماعيا جديدا لا امتدادا لقهر سابق.
بل ويجب أن تبنى على أساس العدالة، والاعتراف بالخصوصيات، وفتح المجال الحقيقي للشراكة، وتوزيع الثروة والسلطة بعدالة، في دولة مدنية ديمقراطية تحترم الإنسان قبل الجغرافيا.
بمعنى أدق فإن أي حديث عن تقرير المصير، في ظل غياب الدولة، وتفتت المؤسسات، وهيمنة الميليشيات، هو في جوهره مغامرة محفوفة بالدم والخذلان. واليمنيون لا يحتاجون مغامرات جديدة، بل يحتاجون إلى ميثاق وطني جامع، يحمي الكل، ويعيد بناء البيت اليمني المشترك على قواعد صحيحة.
على أننا في ذكرى عيد الوحدة بعد أيام، لا ننافق أنفسنا، ولا نغض الطرف عن المآسي.
لكننا نتمسك بالحلم الذي جعلنا – ولو ليوم واحد – شعبا واحدا في وطن واحد.
فيما تمسكنا به ليس سذاجة، بل قناعة بأن ما يوحدنا، رغم الجراح، أسمى مما يفرقنا، وأن الوحدة، برغم كل شيء، لا تزال أعز ما حدث لنا كيمنيين!
ظلٌّ هاربٌ من شمس صنعاء.. في حضرة الجوع والندم
لصالح من نهدم المعبد؟
اليمن بين خطابي بن سلمان والعليمي … خلطة ستوكهولم + خارطة طريق
لماذا ترفع العقوبات عن دمشق؟
خلاصة نضال اليمنيين