آخر الأخبار


الثلاثاء 20 مايو 2025
من قال إن النكتة لا تُزهر في الزنازين؟ ومن يزعم أن اللاعقل لا يمكن أن يتجلى في محاضر النيابة؟ خذوا عندكم آخر صيحة في عالم القضاء الكهنوتي: محمد دبوان المياحي متهم بالتسبب في "مشاكل الدولة الاقتصادية، البيئية، الاجتماعية، السياسية، الأمنية، القانونية، وحتى الدولية"! نعم، كلها دفعة واحدة، وكأن الرجل أطل من نافذة صفحته الفيسبوكية ليهز أعمدة السماء ويعكر مزاج كوكب الأرض، إلا "ثقب الأوزون" فقد بقي بمنأى عن منشوراته، لحسن الحظ!
ولنضع الأمر في إطاره الطبيعي، أو بالأحرى، في إطاره العبثي الطبيعي، فحين تصير حرية التعبير مؤامرة كونية، وتصبح منشورات فايسبوكية منشأ الخراب الوطني، فنحن أمام دولة من ورق، تحكمها عمائم من كرتون، ويملؤها قضاة من جص رطب.
المياحي، هذا الشاب الجمهوري الجميل، الشجاع، المؤمن بحرية لا سقف لها، لم يحمل سلاحا، لم يخطب في جموع غاضبة، لم يُدَرِّب خلية، كل ما فعله أنه كتب، وكتب فقط. خط رأيا حُرا، فاستحق الزنزانة!
ترى أية مهزلة هذه؟ وأي سقوط أخلاقي وقانوني أكبر من أن يُختطف صاحب رأي، بينما القتلة والمتفجرون والخارجون عن القانون يتصدرون المشهد باسم "الولاية"؟ أي نظام هذا الذي يرى في الكلمة خطرا يوازي الانهيار الاقتصادي والبيئي والقانوني مجتمعين؟
بل لعلنا بحاجة لتذكير النيابة بأن المياحي لم يلوث الهواء، ولم يجفف الأنهار، ولم يُهجِّر المدنيين، ولم يزرع الألغام، ولم يُنهب البنوك، ولم يُفجِّر بيوت الخصوم، ولم يخرق المعاهدات الدولية، ولم يعتلِ منبرا في الجامع ليحرض ضد المختلف.
أما من فعلوا كل ذلك، فهم اليوم في السلطة، يكتبون بيانات الاتهام.
بمعنى أدق ما هذه الدولة التي تشكو من منشور فايسبوكي بينما تقطع الإنترنت عن الشعب؟
وأي قاضي يمكنه أن يقرأ هذا الهراء في لائحة الاتهام دون أن يذرف دموع الضحك أو الخجل؟ أليست هذه تهمة أقرب إلى مسرحية عبثية كتبها طالب معتوه كسلان؟
لكن يبدو أن جهاز العدالة في مناطق الحو..ثيين بات يدار من قبل قسم الكوميديا السوداء، لكن دون أدنى ذوق.
الحق أن القاضي الذي تعامل بقدر من النبل في جلسة المحاكمة يستحق الإشادة، لا لأنه "حر"، بل لأنه مارس أبسط ما ينبغي أن يكون عليه القاضي: أن يكون إنسانا. لكن البطولة الحقيقية تظل معقودة على جبين محمد المياحي، لأنه آمن بأن الحرية لا تُستجدى، وأن الصمت ليس فضيلة حين يكون الكلام فرضا وطنهيًا.
و صدقوني المياحي لم يُهزم. إنهم لم يسجنوه، بل فضحوا أنفسهم أمام الملأ، وأثبتوا كم يخافون الكلمة، وكم يشعرون بالعري حين يواجهون رأيا صادقا. لقد كشفوا هشاشتهم أمام شاب أعزل لا يملك سوى اللغة، اللغة التي تهز عروشهم الورقية.
ولنقلها بصوت عال: تبا للكهنوت! تبا لولاية اللاعقل، تبا لهذا الخراب المغطى بالدين زورا، تبا لمن اختطف هذا الجمهوري النبيل واعتقله كما لو كان مجرما، بينما المجرمون ينعمون بالمناصب والميكروفونات والفتاوى.
نحن غاضبون، نعم. نحن حزينون، بالتأكيد. لكننا لا نرتجف، ولن نصمت. وسنظل نكتب، ونشهر أقلامنا كأنها سيوف، ونمد أصواتنا كأنها صرخات في وجه الكهنوت.
لذلك فإن التضامن مع محمد المياحي ليس خيارا، بل واجب. التضامن مع كل معتقلي الرأي في سجون العار ليس نبلا، بل بديهة.
لنخلص إلى ، إن لم يكن لثقب الأوزون من علاقة بهذه المحاكمة، فربما لأن الأوزون، حتى الأوزون، يرفض أن يتلوث بالجنون السائد في سجون الحوثي!
هيثم الزبيدي.. في وداع مقاتل نبيل
مشروع الإنفصال وداعميه
ثقب الأوزون لا علاقة له بالأمر… لكن المياحي فعلها!
صالح وتعز
جريمة قتل بشعة ووحشية تفجع الجنوبيين وتحرق قلوبهم؟