آخر الأخبار


الخميس 19 يونيو 2025
تمكنت إيران يوم أمس من تكبيد اسرائيل بعض الخسائر المدنية في اسرائيل.
نتانياهو، يستشيط غضبا وصرح أنه سوف يجعل خامنئي يندم.
ربما أن هذا هو ما يريده خامنئي فعلا.
هذا هو موضوع اليوم، مع إطلالة على أعظم المتفرجين على هذه الحرب: ترامب والعرب.
مثلما العرب قد تشتتوا بين مؤيد لإسرائيل ومؤيد لإيران، فإن الإيرانيون أنفسهم قد أصيبوا بنفس الشرخ والإنفصام.
مشهد مذيعة التلفزيون الإيراني المحجبة الفرحة بوصول الصواريخ إلى تل أبيب وتصيح بغضب ضد اسرائيل ثم اختفت فجأة عندما غرقت الشاشة في الظلام، أثلجت صدور الليبراليين والملكيين الإيرانيين،
ولكنها مزقت قلوب الوطنيين الإيرانيين المعارضين لنظام خامنئي،
وفي نفس الوقت أشعلت قلب خامنئي والحكام بالرغبة بالانتقام.
**
أولا: الليبراليون والملكيون الإيرانيون
**
هؤلاء يريدون أن تكون إيران دولة شبه أوروبية في الفنون والعلوم.
الليبراليون، يرغبون أيضا بالديموقراطية بجانب الحريات العامة والحقوق العامة والحقوق الشخصية.
الملكيون، مثل الليبراليين في الحريات الشخصية ولكن في المسائل الأخرى مستعدون فقط لتقديم أشكال صورية من هذا النمط في ديموقراطيات أوروبا وأمريكا.
١- هؤلاء كلهم، سوف يظلون يؤيدون القضاء على نظام خامنئي حتى ولو على يد اسرائيل وأمريكا.
٢- هؤلاء كلهم، في غاية الفرح، الآن، وهم يشاهدون اسرائيل تقتل جنرالات الجيش والحرس الثوري وفيلق القدس الباسيج في معاقلهم ومكاتبهم داخل العاصمة طهران.
٣- هؤلاء كلهم، مضمونون ١٠٠٪ إلى جانب اسرائيل مهما قتلت ومهما دمرت.
٤- هؤلاء كلهم، يحاولون التأثير على بقية المعارضين الإيرانيين الذين يكرهون خامنئي ويدعونهم للموافقة على القضاء على خامنئي بيد اسرائيل.
٥- هؤلاء، يعتزون بالأمة الفارسية والإمبراطورية الفارسية وتاريخ الإخمينية ويرون أن الدين مسألة شخصية، ويرفضون التزمت الديني بقوة، ويعتبرون المعتقدات الشيعية مجرد خزعبلات.
٦- هؤلاء كلهم، يتمنون لو يستطيعون جذب الوطنيين الإيرانيين إلى صفوفهم للخروج معا إلى الشارع ضد خامنئي استجابة لنداء نتانياهو وترامب وقادة أوروبا.
**
ثانيا: الوطنيون الإيرانيون
**
يكرهون خامنئي ولكن يحبون إيران أكثر من كراهيتهم لخامنئي.
إيران، بالنسبة لهم هي الأم وهي الوطن.
وهم يعتزون بالأمة الفارسية والإمبراطورية الفارسية وتاريخ الإخمينية أكثر من المعتقدات الشيعية.
هؤلاء يكرهون فساد الحكومة الإيرانية ويكرهون التزمت الديني ويكرهون التدخلات الخارجية لإيران ويكرهون سياسات خامنئي التي جعلت إيران منبوذة ومحاصرة ومعاقبة.
هؤلاء، يرون أن فساد رجال الدولة المالي والفقر، هو الذي مكن مخابرات اسرائيل من اختراق المؤسسات والدولة والشارع والمواطنين داخل إيران.
ويكرهون إنفاق إيران أموالها على الميليشيات في البلاد المجاورة.
ولا يعتبرون أن قضية فلسطين هي قضية محورية لإيران.
ويريدون حياة عصرية.
ولكنهم يرفضون أن يتم ضرب بلادهم على يد اسرائيل وأمريكا أو أي دولة أجنبية.
وهم مازالوا يكرهون العراقيين والرئيس صدام حسين حتى الآن لأنه تجرأ ودخل إلى أراضي الوطن الأم إيران.
هؤلاء نتاج مشاعر إيرانية تاريخية مريرة للغاية ضد أمريكا وبريطانيا وحتى روسيا التي قد هاجمتهم وانتزعت منهم أراضي في بداية القرن الماضي ولا يقبلون بنفوذ أي دولة أجنبية عليهم.
الوطنيون المعارضون لخامنئي، لا ينسون دور بريطانيا وأمريكا في القضاء على البرلمان والملكية الدستورية في ١٩٠٦،
ولا ينسون قضائهم على رئيس الوزراء مصدق الذي أمم نفط إيران في ١٩٥٣،
ولا ينسون مساندة أمريكا لشاه إيران الإمبراطور بهلوي.
عندما ينادي نتانياهو شعب إيران إلى التمرد وإلى الخروج إلى الشارع، فإنه يأمل بأن يوافق هؤلاء الوطنيون الإيرانيون على مساندة الليبراليين والملكيين لقلب نظام حكم خامنئي.
الوطنيون الإيرانيون، لن يوافقوا على الوقوف مع اسرائيل ضد بلادهم حتى ولو كانوا يكرهون خامنئي.
**
ثالثا: خامنئي وقوته في إيران
**
هؤلاء الحكام، معهم ولاية الفقيه والحرس الثوري الإيراني والباسيج ومفاصل نظام حكم دولة يسكنها ١٠٠ مليون إيراني.
هؤلاء الحكام، هم من غلاة الشيعة المتشددين والمؤمنين ب "ولاية الفقيه" الذي من حقه إصدار الفتوى وممارسة الحكم والسلطة المطلقة حتى يعود "الإمام الغائب".
المعركة الوجودية
*
هؤلاء الحكام، يرون أن عدوهم المخيف هو الشيطان الأكبر أمريكا ومخلبها اسرائيل وأن المعركة بين إيران وبينهم هي معركة وجودية.
معركة وجودية سوف تنتهي بنهاية نظام حكم إيران أو اسرائيل.
المفارقة هي أن اسرائيل تؤمن أيضا بأن معركتها مع نظام حكم إيران هي معركة وجودية.
والمؤكد أن قادة أمريكا وأوروبا، لا يريدون أن تصاب اسرائيل بالأذى لأن هذا سيدفع سكان اسرائيل إلى مغادرتها بهجرات كبرى وهم لا يريدونهم أن يعودوا إليهم بعد أن تخلصوا منهم.
هؤلاء الحكام، يؤمنون بأن ساحة المعركة بين إيران وبين كل من اسرائيل وأمريكا، لا يجب أن تكون داخل أراضي إيران ولكن في البلاد المجاورة العربية.
الوطنية جامعة
*
هؤلاء الحكام، ينجحون أحيانا حتى بكسب ود واحترام أعدائهم من الليبراليين والملكيين والوطنيين عندما ينجحون ضد العراقيين وعندما يسيطرون على أربعة بلاد عربية، وعندما ينجحون بتوطين العلم داخل إيران، وعندما يقتربون من أسرار تخصيب اليورانيوم وحتى من إنتاج القنبلة النووية.
أحيانا، تجمع الوطنية الإيرانية بين الليبراليين والملكيين والوطنيين العاديين والشيعة وولاية الفقيه والإمام الغائب.
إذا أوجع نتانياهو "الوطنية الإيرانية" بقتل المدنيين أو تدمير البنية الهيكلية فإنه سيقوم بإخراج المارد من القمقم.
بدلا من أن ينجح نتانياهو بتأجيج التمرد والشغب ضد خامنئي، فإنه قد يتسبب في إشعال الغيرة الوطنية الإيرانية ويزود خامنئي بالقدرة على تحمل الغرامة، وجرجرة اسرائيل إلى حرب استنزاف، أو إغراق أمريكا وأصدقائها في مأزق أو مستنقع لا يمكنهم الخروج منه إلا بالتنازل لخامنئي ونظام الحكم.
خامنئي، يريد إيقاظ حمية الوطنية الإيرانية.
خامنئي، ينصب شباك الوطنية الإيرانية لاصطياد نتانياهو وترامب.
خامنئي، مشهور بالعناد.
**
رابعا: ترامب يريد فقط أن يكسب
**
الرئيس ترامب، ربما هو أغرب قائد في التاريخ.
يريد أن يدخل في كل مشكلة، ويقول أن أمريكا لا يجب أن تتدخل في أي مكان.
يريد أن يجعل أمريكا عظيمة في الداخل وفي كل مكان، وهو ينسحب من كل مكان.
يقول أن أمريكا غنية، بينما هو يبتز الأغنياء ويلطش تريليونات من العرب أو من أي مكان.
هذه الحرب بين اسرائيل وإيران جعلته يتقلب من الشيئ إلى ضده عدة مرات.
وهو لا يطيق أن يفوته القطار.
ويريد أن يكون الرجل الأول اللامع في كل مشهد.
ويتغير رأيه في الصباح والظهيرة والمساء.
في الصباح، يرى فرصة لتحقيق مجد شخصي فيصرح بتهديد ضد خامنئي ثم فنطلق بإصدار الأمر بتجهيز الطائرات العملاقة والقنابل الضخمة لمساعدة اسرائيل.
في وقت الظهيرة، تبدي إيران بعض التماسك والعناد والصلابة، فيصاب ترامب بالحيرة.
في المساء، يتعرض للضغط من أنصاره في مجموعة ماجا الذين يحذرونه من أن يتجرجر إلى مستنقع جديد وحرب طويلة جديدة، فيصرح بأنه لم يقرر بعد ضرب إيران.
**
خامسا: العرب يريدون مكسب بدون جهد
**
العرب، قد سرقت اسرائيل بلادهم وأراضيهم وقتلتهم وشردتهم وطردتهم.
العرب، قد حاولوا استعادة حقوقهم ولكن اسرائيل مزقتهم.
العرب، كانوا قد غرقوا واستسلموا لإسرائيل حتى جاءت إيران وظنوا أنها سفينة النجاة.
ولكن إيران، فاتنت بين أحياء العرب ومزقتهم شر تمزيق.
وتقوم اسرائيل اليوم بضرب إيران كما سبق وأن ضربت العرب من قبل.
والعرب اليوم يشاهدون معركة كبرى بين من أتى من كل بقاع أوروبا وسرقهم وطردهم من جهة وبين أتى من غياهب التاريخ وفاتن بينهم ومزقهم من جهة أخرى.
إيران، كررت الفتنة الكبرى في العصر الحالي بعد أن كانت قد خمدت ل ١٤٠٠ سنة.
إيران، معزولة ومعاقبة ومنهارة اقتصاديا ومكشوفة دفاعيا.
إيران، تتعرض لخسائر هائلة وكل العالم وعلى رأسهم ترامب يؤكدون أن إيران سوف تركع وتستسلم قريبا.
ولكن خامنئي يظهر كل يومين ويبدي المزيد من العناد والصلابة.
نحن نتمنى أن يكون العناد الإيراني والصلابة الإيرانية والكفاءة الإيرانية ضد اسرائيل، أعظم من مثيلاتها عند العرب في ١٩٦٧ وما بعدها.
لكن يجب أن تتخلى إيران عن خطيئتها الكبرى التي أكبر مثال لها- هذه الأيام- هي: الحوثيون في اليمن.
الحوثية، فتنة مزقت نسيج اليمن
… وأمثال الحوثية مزقت البلاد العربية.
هذه الفتنة بين أحياء اليمن، قد صارت عبئا تكتيكيا على إيران نفسها،
وهي تحارب اليوم في جبهتها الداخلية،
وتحارب اسرائيل،
وتريد أن تكسب جيرانها العرب إلى صفها.
ماذا يعني سقوط إيران؟
قوة من ورق.. هكذا سقطت الأسطورة الإيرانية
خامنئي قد يصطاد اسرائيل بشباك الوطنية الإيرانية … انفعال ترامب والعرب
بين مطرقة إيران وسندان إسرائيل: متى يسترد العرب قرارهم؟