السبت 10 مايو 2025
السياسة والأذية بين الحوثية والشرعية… رأس عيسى و بوسعيدي ومجلس رئاسي
الساعة 01:32 صباحاً
د. عبدالقادر الجنيد د. عبدالقادر الجنيد

ما يحدث الآن في ميناء رأس عيسى بعد توقيف ضربات ترامب على الحوثيين، يفتح المجال لفرصة مركزة للبحث في الفرق بين الأداء السياسي والدبلوماسي والعسكري والعلاقة مع الحليف بين "الشرعية اليمنية" و "الحركة الحوثية"

ولن نلجأ للشعارات.. ولا للعواطف.. ولا للمداراة والمراضاة.. ولا للتستر والتبرير والتماس الأعذار.

والغرض من كتابة هذا الموضوع هو تنبيه "حكومة" و "رئاسة" و "قوات" الشرعية اليمنية لما نراه نحن في الفرق في الأداء بيننا وبين الحوثيين.

هل سيزعلون؟ هل سيتفهمون؟ هل سيبحثون؟ هل سيتجملون؟… هذه كلها مواضيع أخرى.

 

أولا: ميناء النفط في رأس عيسى

ميناء النفط في رأس عيسى في الحديدة، هو الذي يستقبل منه الحوثيون إمدادات النفط الإيرانية المجانية التي تعتبر المورد المالي الأول للحوثيين مباشرة والتي لا تذهب لوزارة المالية.

قيمة هذا النفط المجاني الإيراني، هي 30 مليون دولار شهريا، يبيعها الحوثيون على حوالي 20 مليون من السكان اليمنيين الذين يعيشون تحت سيطرتهم بمئات المليارات من الريالات اليمنية سنويا.

هذه الأموال، يصرفها الحوثيون على الآلة العسكرية الحوثية.

هذا النفط يوفر حالة من استمرار الحياة والأعمال وتوفير الاستقرار بين السكان وتسهيل سيطرة الحوثيين عليهم.

 

تدمير خزانات الميناء

كانت غارات اسرائيل وأمريكا الجوية، قد قصفت خزانات النفط المستورد الذي يأتي على بواخر شركات أجنبية.

وقام الحوثيون بابتكار ضخ النفط مباشرة من البواخر إلى مركبات عليها خزانات وقود وتقوم هذه الشاحنات برحلات مكوكية بنقل النفط إلى مصنع اسمنت باجل وإلى محطات توليد الكهرباء وإلى خزانات في أسفل الجبال وإلى خزانات وقود بعض التجار وصهاريج متحركة، ليتم تخزينه في صهاريج الوقود هناك ثم يتم النقل بعد ذلك إلى صنعاء وإلى كل مكان.

وكان الحوثيون يقومون بهذا حتى أثناء الضربات الأمريكية.

كانت هناك أكثر من 14 سفينة أجنبية محمّلة بالوقود في ميناء رأس عيسى في الحديدة منذ أكثر من شهر وفوقها العشرات من البحارة الذين يحتاجون لتموينات مياه الشرب والغذاء.

السفن الأجنبية التي تحمل النفط للحوثيين، كان عليها أيضا سيف مسلط من قرار العقوبات الأمريكية، ابتداء من يوم 5 ابريل الماضي، الذي يحظرها ويمنعها من توصيل النفط للحوثيين في ميناء رأس عيسى.

 

تحدي حوثي أثناء الضرب

أثناء تحدي قرار واشنطن بحظر استيراد الوقود إلى مناطق سيطرتهم بإفراغ حمولة إحدى سفن النفط، تم توجيه صاروخ أمريكي إليها وتسرب النفط إلى مياه البحر الأحمر وأصيب ثلاثة بحارة يحملون الجنسية الروسية.

هناك علاقات جيدة بين المخابرات الروسية والمخابرات الحوثية.

أكدت السفارة الروسية لدى اليمن إجلاء ثلاثة من البحارة بعد إصابتهم بشظايا صاروخ.

الشركات الأجنبية، أرادت إخراج سفنها من ميناء رأس عيسى ولكن الحوثيون منعوها.

منع الحوثيون السفن من المغادرة، ونشروا زوارق تحمل مسلحين في محيط الميناء، وسحبوا زوارق القطْر التي تساعد السفن على مغادرة منطقة الغاطس.

وكان الحوثيون يقدمون لطواقم السفن المحجوزة الإمدادات الغذائية وغيرها من الاحتياجات طوال فترة الانتظار.

ذكرت مصادر ملاحية في هيئة موانئ البحر الأحمر الخاضعة للحوثيين لـجريدة «الشرق الأوسط» السعودية- في عدد هذا اليوم- أن سلطات الجماعة منعت بالقوة طواقم 14 سفينة تحمل وقوداً من مغادرة ميناء رأس عيسى؛ حيث كانت قد أُدخلت بشكل عاجل للالتفاف على القرار الأميركي بمنع استيراد أو تصدير الوقود، بوصف ذلك جزءاً من العقوبات التي ترتبت على تصنيف واشنطن للجماعة بأنها «منظمة إرهابية أجنبية».

وكانت هناك أزمة وقود في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون تؤثر على حياة حوالي 20 مليون من السكان المدنيين وتؤثر على إفلاس خزينة الحوثيين من انقطاع فلوس بيع البترول وتؤثر على المجهود الحربي الحوثي.

 

ثالثا: ترامب يوقف ضربات أمريكا على الحوثيين 

فجأة، أعلن ترامب توقيف الضربات الأمريكية على الحوثيين.

في هذه اللحظة، كانت أزمة الوقود قد تسببت بشلل الحياة في المناطق الحوثية.

وكان الدمار الذي ألحقته غارات اسرائيل وأمريكا، قد أنزل خسائر بمنشآت اليمن الحيوية المختلفة تقدر قيمتها بإثنين مليار دولار.

يتم الآن وفي هذه اللحظات تفريغ السفن ال 14 المليئة بالنفط في ميناء رأس عيسى.

سوف يتغاضى الأمريكيون عن قرار حظر تزويد الحوثيين بالنفط.

سوف تنتهي مشكلة احتجاز الحوثيين للبحارة.

لا نعرف إن كان الأمريكيون سوف يمنعون دخول أي بواخر نقل نفط أخرى.

لا نعرف إن كانت شركات بواخر نقل النفط سوف توافق العودة مرة أخرى لنقل الوقود إلى الحوثيين في ميناء رأس عيسى في الحديدة.

نحن نعتقد أن وقف وصول النفط الإيراني المجاني إلى ميناء رأس عيسى في الحديدة يصيب منظومة الحكم الحوثية بالأذى ويصيب آلته العسكرية بالشلل وسوف يؤدي إلى توقف مغامراته وابتكاراته ضد اليمنيين، أكثر مما تصيبه الضربات الجوية الأمريكية.

نحن نرى أن مجلس الرئاسة اليمني، يتفرج مثلنا ولا يعمل ولا يبادر ولا يبتكر ولا ينتهز الفرص.

 

رابعا: نجومية البو سعيدي والسلطنة

هذا هو الواضح الآن:

مبعوث الرئيس ترامب- ستيف ويتكوف- للتفاوض مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقي، هو الدينامو المحرك لهذا الموضوع مع بدر البوسعيدي وزير خارجية سلطنة عمان.

ويتكوف، هو أكثر واحد يعرف ترامب.

ويتكوف، رأى أن رئيسه قد انشغل بشدة بموضوع صغير- هو محاربة الحوثيين- يضيع عليه طاقته ويتسبب بخسارة الأموال وبدون فائدة أو عقد صفقة.

بيتكوف الأمريكي، فكر وابتكر وارتجل بالنيابة عن ترامب، ثم بحث الموضوع مع البو سعيدي.

البو سعيدي العماني، رأى الفرصة للنجومية وتفاهم مع محمد عبدالسلام الناطق بإسم عبدالملك الحوثي على اغتنام الفرصة.

والعلاقة المتينة بين سلطنة عمان وإيران، توفر التفهم والفهم العميق بين المسؤولين في البلدين.

والذكاء الإيراني في انتزاع المكاسب من التفاوض وانتهاز الفرصة للخروج من المآزق والتراجع عند اللزوم كان هو نفسه بالضبط ما يدور في رأس وزير الخارجية الإيراني.

السلطنة العمانية، رأت أن هذا سيوفر للحوثي فرصة الإدعاء بنصر على أمريكا، وهذا كله بفضل السلطنة.

السلطنة العمانية، رأت أن هذا سوف يرفع من مكانة وأهمية الإيرانيين عند ترامب وهذا كله بفضل السلطنة.

وسوف يرفع رصيد السلطنة عند إيران.

السلطنة العمانية، رأت أن هذا كله سوف يخرج أمريكا من غرامات ضرب الحوثي، وهذا أمر رائع وبفضل البوسعيدي.

وسوف يرفع رصيد السلطنة عند أمريكا.

السلطنة العمانية، تعرف أن السعودية تريد نزع فتيل الحرب بين أمريكا وإيران خوفا على تهديد استقرار الخليج، وهذا أمر رائع وبفضل البوسعيدي.

وسوف يرفع رصيد السلطنة عند السعودية.

السلطنة العمانية، تعرف أن كل هذا لا يخدم الشرعية اليمنية ولكن لا يوجد هناك أصلا من يكترث بمصلحة فكرة الشرعية اليمنية.

والبو سعيدي أيضا لا يكترث باكتساب أي رصيد عند المجلس الرئاسي.

 

خامسا: الحوثية والشرعية: مقارنة موضوعية

١- عالم الحوثية

لا نستطيع تجاهل ملاحظة النشاط والاجتهاد الحوثي للتخلص من مشكلة نقص الوقود تحت الحظر الأمريكي وتحت الضربات الإسرائيلية والأمريكية.

كل شيئ واضح في عالم الحوثية.

القيادة السياسية واضحة، الرؤية واضحة، الاستراتيجية واضحة، وضع السياسات والخطط واضحة، صناعة القرار واضحة، الأوامر بتنفيذ القرار واضحة، القدرة على البطش والإيذاء واضحة، المبادرة واضحة، الجرأة والمغامرة واضحة، الجهد الدبلوماسي واضح، إيران الحليفة واضحة، سلطنة عمان الحليفة واضحة.

 

٢- عالم الشرعية

ولا نستطيع أن نتجاهل عدم قيام رئاسة الشرعية بأي ابتكارات أو نشاط أو اجتهاد لإعادة تصدير النفط من شبوة وحضرموت أو الغاز من مارب.

لا شيئ واضح في عالم الشرعية.

القيادة السياسية غير واضحة، الرؤية غير واضحة، الاستراتيجية غير واضحة، وضع السياسات والخطط غير واضحة، صناعة القرار غير واضحة، الأوامر بتنفيذ القرار غير واضحة، القدرة على البطش والإيذاء غير واضحة، المبادرة غير واضحة، الجرأة والمغامرة غير واضحة، الجهد الدبلوماسي غير واضح، السعودية الحليفة غير واضحة، الإمارات الحليفة غير واضحة.

 

خاتمة لمجلس الرئاسة

١- هل ستزعلون؟ هل ستتفهمون؟ هل ستبحثون؟

٢- نحن فقط نتمنى لو تجتمعون وتتدارسون هذه النقاط.

٣- أما إذا استطعتم المبادرة والابتكار والعمل، فهذا خير كبير لنا ولكم ولليمن


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار