آخر الأخبار


الثلاثاء 20 مايو 2025
كثر الحديث مؤخرا عن أولئك الذين أعلنوا توبتهم وعودتهم إلى صف الجمهورية بعد سنوات من التحالف أو الانخراط المؤقت في مشروع المليشيات الحوثية.
حديث يفيض بالشك والريبة، ويمتلئ باتهامات غير مبررة عن "اختراق" مفترض للجمهورية من داخلها، كأنما الوطن قلعة مغلقة لا يدخلها إلا من لم يخطئ قط، أو كأنما الخطيئة لا تُغتفر حين ترتبط بالتحالف مع الكهنوت، بينما تُغتفر حين تكون سياسية أو مناطقية!
لكن، الحقيقة العارية التي يجب أن نواجهها بوعي جمهوري نقي هي: أن التوبة فعل شجاع، وأن العودة إلى الصف الجمهوري بعد الارتباك أو الضلال لحظة نبل يجب أن نحتفي بها لا أن نحاكمها على ماض اختلطت فيه الوقائع بالرغبة في النجاة أو الوهم أو الجهل أو حتى الطمع.!
بمعنى أدق فإن من يعود إلى الجمهورية بعد تجربة التحالف مع الكهنوت ليس عميلا مزدوجا بالضرورة، بل هو غالبا عقلٌ استيقظ، وضميرٌ انبعث من تحت ركام الخوف والضياع، ليعيد تموضعه في المكان الصحيح.
بل صدقوني إن هؤلاء لم يعودوا سراً، بعدما أعلنوا ندمهم وتوبتهم وألحقوا أقوالهم بأفعال تدعم المشروع الوطني في مواجهة المشروع السلالي الرجعي.
والحال أن الجمهورية ليست ملكاً لحزب ولا لطائفة ولا لمناطق بعينها. هي مشروع حرية وعدالة ومساواة لكل اليمنيين، ولذا فهي تمتلك من السعة والرحابة ما يمكنها من احتواء التائبين الصادقين.
وإذ لا أحد يُولد على بينة تامة من كل شيء، بل إن الخير كل الخير في أن يخطئ الإنسان ثم يراجع نفسه ويختار الطريق الصائب. وهؤلاء التائبون فعلوا ذلك.
أعني إن الجمهورية إذ تتسع لهم، لا تفعل ذلك من باب الرحمة فقط، بل من باب القوة أيضاً. فالمشروع ال. حوثي، الذي يحاول أن يقسم اليمنيين إلى سادة وأتباع، وإلى أصل سماوي وأغيار، يتغذى على الفرز وعلى الإقصاء وعلى الأحقاد المناطقية والسياسية، ويستثمر في الخلافات والخصومات، في حين أن المشروع الجمهوري ينتصر كلما قرر أبناؤه المختلفون أن يتصافحوا ويواجهوا عدواً واحداً لا يزال يهدد جوهر كرامتهم الوطنية جميعا.
لذا، من واجبنا – نحن الجمهوريين – أن لا ننزلق إلى مصيدة الشك المفرط، وأن لا نستسلم لخطاب الاستبعاد، مهما كانت مشاعرنا الشخصية أو جراحنا السياسية.
فالجمهورية، إن كانت تعني شيئاً، فهي تعني التعدد والانفتاح على المختلفين، وإمكانية الغفران، والرهان على ضمير الفرد، لا على ماضيه وحده.
لذلك لا ينبغي أن نحكم على من تاب بعين الريبة فقط لأنه كان في الجهة الخطأ. بل العبرة بما صار عليه الآن، لا بما كان عليه بالأمس.
وكما أن "خير الخطائين التوابون"، فإن خير الجمهوريين هم أولئك الذين عادوا من الظلمة إلى النور، فزادوا الصف الجمهوري تجربة وصدقا ومناعة من الوقوع في ذات الفخ مرة أخرى.
أما أولئك الذين يقتاتون على الكراهية، ويجدون راحتهم في شيطنة الآخرين واستمرار الخصومة السياسية والمناطقية، فهم من يخترقون الجمهورية حقا. لأنهم يضعفونها من الداخل عبر تجريدها من أهم ما يميزها: قدرتها على تجاوز الجراح، والتطلع إلى المستقبل، والثقة بقوة المبادئ لا هشاشة المزاج.
من هنا فإننا لا نخوض معركتنا ضد المليشيات الحو..ثية وحدنا. إننا نخوضها من أجل استعادة يمن للجميع، لا يعاقب فيه الناس على أخطائهم إن هم تابوا، ولا يُقصون بسبب لحظة ضعف أو التباس.
بمعنى آخر نحتاج إلى كل جمهوري صادق، أكان بالأمس خصما أم صديقا، ما دام اليوم مستعدا أن يدفع مع الآخرين ثمن النضال المشترك من أجل الوطن.
لنخلص إلى أنه في زمن الانقلابات وتزييف الوعي، فإن توبة واحدة صادقة تساوي جيشا من الخطابات. وإن جمهورية لا تتسع لتائب، لا تستحق أن تتسع لغد.!
مشروع الإنفصال وداعميه
ثقب الأوزون لا علاقة له بالأمر… لكن المياحي فعلها!
صالح وتعز
جريمة قتل بشعة ووحشية تفجع الجنوبيين وتحرق قلوبهم؟
حُب بنت الجيران وعصا زوجتي
للتمزيق ممولون و أنصار