الخميس 3 يوليو 2025
صوت الحزن والغضب : ريمة ليست النهاية
الساعة 11:04 صباحاً
فتحي أبو النصر فتحي أبو النصر

 

بدأت القصة من حجور، ثم اشتعلت جذوتها في الحيمة، لتتكرر المأساة في رداع، ثم إب، وها هي اليوم تعود من جديد في ريمة.

على إنها ليست سلسلة أحداث منفصلة، بل واقع متصل من القمع والتنكيل، واقعٌ يُمارَس بشكل ممنهج ضد كل من يجرؤ على المطالبة بالكرامة أو الاعتراض على سلطة الأمر الواقع التي فرضتها مليشيات الحوثي.

ففي كل منطقة، تتكرر ذات المشاهد: الأصوات تُكمم، والحناجر تُقمع، والمطالب العادلة تُقابل بالقوة والعنف والتخوين.

وأنا من أراد أن يصرخ في وجه القهر، أُسكت.

زمن طالب براتبه وبخبز وحرية، اتُّهِم بالعمالة.

ومن قال "لا"، كان مصيره الاعتقال أو التهجير أو القتل.

تلك هي المسألة، وتلك هي المعضلة التي بات اليمنيون يعيشونها يومياً، منذ سنوات.

بمعنى أدق فإن ريمة اليوم ليست سوى فصل جديد في كتاب طويل من الإذلال.

ولكنها ليست النهاية.بل إنها تذكير حي بأن الكرامة تُستباح في وضح النهار، وأن الشعب اليمني بكل مكوناته يدفع ثمن الصمت الدولي والتجاهل الإقليمي المتواصل.

على إن الغضب الشعبي ليس طارئا، بل نتيجة طبيعية لحالة الانفجار الداخلي المتراكم، بعد أن سُدّت كل أبواب الحلم التحرري وأُغلقت نوافذ التعبير.

لذلك أنا حزين، نعم. لأن اليمنيين يُعاقَبون فقط لأنهم يطالبون بالعيش الكريم.و لأن القرى التي كانت بالأمس تنعم بالأمان، أصبحت اليوم ساحات للدم، تُروى فيها الأرض بدماء من كان يمكن أن يكونوا بناة هذا الوطن.

وأنا غاضب، لأن الظلم بات يُمارس بلا رادع، ولأن المليشيات تتصرف وكأنها مرسلة من السماء وفوق القانون، وكأن البلاد مزرعة خاصة تتصرف فيها كما تشاء.

لكن رغم الحزن والغضب، هناك شعلة رفض. فصوت الكرامة لا يموت، وإن خنقوه في حجور، سيعلو في ريمة. وإن أسكتوه في إب، سينبعث من صنعاء أو الحديدة أو عمران.

ذلك أن هذا الشعب لا يُهزَم بسهولة، وتاريخه يشهد على ذلك.

وما يجب أن يكون واضحاً: من يطالب بالكرامة ليس عدواً. ومن يريد الحياة لا يجب أن يُقابل بالموت. فاليمن أكبر من مليشيا، وأبقى من حكم القوة. وصوت الناس سيبقى، مهما حاولوا إسكاته.

ريمة ليست النهاية طبعا… بل تذكير بأن الصمت لم يعد ممكناً.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار