السبت 19 ابريل 2025
تغيرات ترامب والحوثي … هل هو النزال الأخير؟
الساعة 04:05 مساءً
د. عبدالقادر الجنيد د. عبدالقادر الجنيد

الأجانب، هم الذين يقررون مصير اليمن.
أعجبنا هذا أم لم يعجبنا… هذا أمر آخر.
ومواقف هؤلاء الأجانب، تتغير من وقت لآخر.
هناك شيئ في اليمن يجعل الأجانب يريدون أن يهربوا، ولكنهم كلهم بعد ذلك يعودون.
الكلام اليوم، هو عن التغيرات.
تغيرات مواقف المحاربين الأجانب في اليمن:
*
تكلمنا يوم أمس عن تغيرات موقف السعودية خلال عشر سنوات التي ابتدأت بعاصفة الحزم بشن حرب اليمن للتخلص من إيران وانتهت يوم أمس بزيارة الأمير خالد بن سلمان للخميني في طهران.
الأجانب، هم: إيران— السعودية— الإمارات— أمريكا
**
أولا: إيران: دولة أجنبية.. وتتغير
**
إيران أجنبية ١٠٠٪؜.
يفتخر الحوثي بأن كل خصومه صنائع وعملاء دول أجنبية.
يفتخر الحوثي بأنه ليس صنيعة الأجانب وأنه ليس من صنع إيران وأنه بنفسه يصنع الصواريخ الفرط صوتية والمسيرات الشبحية الخفية بينما هو وكل قادته لا يحملون حتى الشهادة المدرسية الإبتدائية.
إيران، تغيرت ولم تتغير في نفس الوقت.
تغيرت إيران غصبا عنها ولكن قلبها مازال مع الحوثيين.
إيران، تنكر أن الحوثي وكيلها أو أحد أذرعتها بينما هي تزوده بالمال من نفطها المهرب في السوق السوداء عبر شبكات غسيل الأموال، وتزود الحوثي بالسلاح والذخيرة والصواريخ والمسيرات، والنفط بقيمة ثلاثين مليون دولار شهريا.
إيران، انضربت بقسوة عندما أنهت اسرائيل قوة وقيادة حزب الله في لبنان، وعندما انهار بشار الأسد على يد اسرائيل والرئيس التركي أردوغان.
وقد أكمل الرئيس الأمريكي ترامب، يوم أمس، قطع ذراع إيران بتدمير ميناء رأس عيسى النفطي الذي هو أحد أهم  شريان الحياة من "السيد" خامنئي إلى "السيد "الحوثي".
بالتأكيد، الحوثي قد أثبت جدارة في العمل على الأرض وفي وحدة القيادة وفي إخضاع اليمنيين الذين يرميهم سوء حظهم في الوقوع تحت أقدامه، ولكن هذا لا ينفي أنه من صنع إيران وأن إيران تستعمله ذراعا قويا ضد اليمنيين والسعوديين.
يستطيع الحوثي أن ينكر أنه صنيعة لإيران، كما يشاء.
تستطيع إيران أن تنكر أن الحوثي أحد أذرعها الثقيلة، كما تشاء.
كل هذا قد تغير.
هذا الوضع قد تغير، وسوف نرصد بؤس "الصنيعة" وبؤس "الصانع"، تحت وطأة التغيرات خلال أسابيع قليلة.
**
ثانيا: السعودية: شقيقة وأجنبية.. وتتغير
**
هل السعودية أجنبية أم شقيقة؟
*
أنا شخصيا، كنت أوافق بصورة عامة وعقلانية، أن السعودية دولة شقيقة بسبب الجوار والتاريخ والإثنين مليون مواطن يمني مغترب بداخلها.
ثم تدغدغت مشاعري عندما قال الملك سلمان أيام انطلاق عاصفة الحزم:
"أمن اليمن من أمن السعودية"
"وأمن السعودية من أمن اليمن"
ثم تأذت مشاعري باتفاق السعودية مع إيران في الصين،
ثم جُرح الإحساس بالأخوة بزيارة السفير السعودي آل جابر إلى صنعاء ليتودد للحوثيين،
ثم أصبحت "الشقيقة" دولة "أجنبية" باتفاق خارطة الطريق مع الحوثيين.
السعودية، تغيرت.
واليمني العادي تغير عندما تغيرت السعودية.
… ثم جاءت مفاجأة زيارة الأمير.
تغيرات وضع "الحديقة الخلفية"
*
آخر تغيرات السعودية، هي زيارة الأمير السعودي خالد للزعيم الإيراني خامنئي قبل يومين.
نحن لا نعرف ما حدث بالضبط بين الأمير والزعيم، وكل ما نستطيعه هو استعمال "الحدس" و "القياس" و "الاستنتاج" من خبرات وتجارب وتغيرات العشر السنوات الماضية.
حتى وإن كانا لم يبحثا هذه المواضيع كما نتخيله، فإن هذا هو الهدف، والكثير منه سوف يتحقق.
ما قاله الأمير للزعيم
*
١- السعودية، تعارض ضرب أمريكا واسرائيل لإيران.
٢- إذا تم ضربكم، لا داعي لأن يكون ردكم بضرب السعودية.
٣- يمكن أن نتفق على شيئ يرضيكم ولا يغضب أمريكا.
(هذا هو السر الأعظم الذي لا يستطيع أحد أن يستنتجه)
٤- لن نشارك في أي عملية برية أو جوية ضد الحوثيين ضمن الحملة العسكرية الأمريكية.
٥- سواء تم ضربكم أو لم تضربوا، فإنه لا مجال أن تحتفظوا باليمن.
اليمن ستعود  "الحديقة الخلفية" للسعودية من جديد، ولا داعي لأن تنزعجوا من فقدانكم لما كنا قد أعطيناكم بنفسنا في خارطة الطريق.
اليمن قد فقدت العافية وهذه هي أحوال الدنيا.
الحديقة الخلفية
*
السعودية، لها تأثير طاغي على القبائل والأحزاب وحتى على أعضاء المجلس الرئاسي التابعين للإمارات وحتى على لوردات حرب الإمارات وميليشياتهم السلفية والمناطقية والانفصالية والساحلية.
السعودية، هي الوحيدة التي تستطيع— عندما تريد—  تلجيم أفعال الإمارات داخل اليمن.
في لحظة انعدام وزن كبرى، تخلت السعودية عن حديقتها لإيران.
لكن "الزَّمَّار يموت ويده تلعب"… والمتوقع أن تستعيد حديقتها الخلفية إلى أن تستعيد اليمن عافيتها.
عودة الأمير
*
بعد زيارة الأمير، نشر الزعيم خامنئي عدة تغريدات في تويتر يمدح العلاقة بين السعودية وإيران.
لم تنشر الصحف السعودية أي خبر عن نتائج الزيارة ولا حتى عن عودة الأمير إلى بلاده.
هذه أشياء ليست للحديث العام.
**
ثالثا: الإمارات: مسمار جحا.. وتتغير عشرات المرات
**
كنا قد تناسينا- برغبتنا-  أدوار الإمارات مع وزير الدفاع محمد ناصر، أيام العملية السياسية الانتقالية في "خلية أبو ظبي".
كانت الإمارات شقيقة
*
ثم أصبح للإمارات موضعا عزيزا على قلوبنا أيام ما كنا نسمي أي طائرة حربية في الجو: "طائرة مريم".
مريم، كان إسم قائدة طائرة حربية إماراتية نالت شهرة جارفة في أوساط اليمنيين الأطفال والكبار أيام عاصفة الحزم السعودية.
حتى قائد السجن الذي كنت فيه عندما اختطفني الحوثيون كان عندما يلقي علينا المواعظ يستعمل إسم "مريم" للإشارة إلى كل طائرات عاصفة الحزم مهما كانت جنسياتها.
أصبحت الإمارات أجنبية
*
صعقتنا الإمارات بعشرات التصرفات وأصبحت "أجنبية"، كاملة الأوصاف بسبب لوردات الحرب والميليشيات العسكرية، وجزيرة سقطرى، والانفصال.
الإمارات، صنعت ميليشيا ولوردات حرب، ثم تصنعت أنها قد خرجت ولكنها ستعود بهؤلاء مسامير جحا كلما شاءت ومتى ما شاءت .
الإمارات تعود مع ترامب
*
الإمارات، أعلنت أنها لن تشارك في أي عملية برية مع حملة ترامب الجوية.
رجل الإمارات في المخاء- الجنرال طارق صالح- يقول أنه سوف يشارك في معركة التحرير.
لكن هذه القوات، هي قوات الإمارات.
إذا حدثت أي معارك برية فإن أسهل الجبهات هي تحرير ساحل البحر الأحمر وهذا يحتاج الجنرال طارق صالح ويحتاج الإمارات ويحتاج ضربات ترامب الجوية.
إذا حدث هذا السيناريو، فإن مينائي المخاء والحديدة وساحل البحر الأحمر سوف تصبح كلها "كانتونا" ضخما تحت إمرة الجنرال طارق صالح وتحت سيطرة الإمارات ونفوذ أمريكا.
**
رابعا: أمريكا: أجنبية ١٠٠٪؜ وتغيرت ١٠٠٪؜
**
عندما ابتدأ ترامب ضرب الحوثيين، قال الأمريكيون أن هذا بسبب ضربهم للسفن في البحر الأحمر.
وأن الهدف هو ضرب قدرات الحوثيين على ضرب السفن فقط.
وأن أمريكا لا تهتم بصراعات اليمن الداخلية.
… ثم تغيروا، وأضافوا أن الضرب بسبب علاقة الحوثيين بإيران.
… ثم تغيروا، وأضافوا أن الهدف أيضا هو قتل قادة الحوثيين الكبار والطبقات الوسطى وحتى قتل عبدالملك الحوثي نفسه.
… ثم تغيروا، وأضافوا أنهم أيضا سوف يحرموا الحوثيين من التعامل مع النظام المالي العالمي.
… ثم تغيرا، وأضافوا أنهم سوف يحرمون الحوثيين من إمدادات النفط المجاني الإيراني.
ثم تغيروا، وأضافوا كلمة "الشرعية" في بيانات وزارة الخزانة  ووزارة الدفاع والقيادة المركزية التي تقود حملة القضاء على الحوثيين.
… ثم تغيروا، وأضافوا أن الهدف هو تمكين الحكومة الشرعية من التخلص من الحوثيين.
… ثم تغيرو وأضافوا القصف المركز على جبهات الحوثيين في نقاط التماس المواجهة لقوات "الشرعية" في ساحل البحر الأحمر ومارب والجوف وفرضة نهم، لتسهيل مهمة من يرغب بالتخلص من سيطرة الحوثي في هذه المناطق.
(هذه فرصة لأصحاب الشعارات والدعايات اليمنيين أن يثبتوا مدى جديتهم)
هذه تغيرات في الموقف الأمريكي بمقدار زاوية ١٨٠ درجة من أول هدف إلى النقيض.
**
خامسا: النزال الأخير
**
ترامب، يضرب الحوثيين 24/7 كما يكتبون في صحفهم أي ٢٤ ساعة في اليوم وطوال الأسبوع لليوم السادس والثلاثين على التوالي.
ترامب، سوف يزور السعودية بعد أسابيع في شهر مايو ويريد أن يكون قد انتهى من الحوثيين.
١- هل يمكن أن بسمح ترامب للحوثيين أن ينجوا بجلدهم؟
لا.
٢- هل يستطيع الحوثيون أن يصمدوا ويحققوا النجاة؟
لا.
٣- هل يتحمل ترامب فقدان ماء الوجه ويسمح للحوثيين بالنجاة بعد كل هذا المجهود وكل هذه الغرامات؟
لا.
٤- هل يمكن تحقيق أهداف ترامب بدون عملية عسكرية برية؟
لا.
٥- من الذي يمكن أن يزحف في كل الجبهات على الأرض بآلاف الجنود والمقاتلين في النزال الأخير مع الحوثيين ؟
الإجابة، متروكة لكم وللأيام القادمة.
ترامب والحوثي
*
إذا تحققت العملية الحربية البرية، فسوف تكون تحت حماية أمريكا ودعمها.
وسوف يختفي الحوثيون والإيرانيون.
سوف يذكر التاريخ بأن ترامب قد نجح بما لم ينجح به اليمنيون ولا السعودية ولا الإمارات.
وسوف تركب كل من السعودية والإمارات وتتشعبط فوق العربة الأمريكية بدرجات متفاوتة من السرية والعلن.
وسوف تدفعان لأمريكا الثمن.
وسوف تستقر اليمن لعدة سنين بموجب توازنات وتفاعلات رغبات أمريكا والسعودية والإمارات.
الحلم والأمل
*
ويبقى الحلم: أن تتعافى اليمن تحت سيادة القانون، والوحدة، والخلاص من تدخلات الأجانب.
عبدالقادر الجنيد
 


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار