آخر الأخبار


السبت 19 ابريل 2025
يبدو أن التاريخ في اليمن قرر أن يمزج الطقوس بالمراوغة، والزهد بالخضوع، والصمت بالمدفع.
نعم، نحن نتحدث عن العلاقة الملتبسة، المشوهة، المريبة، بين الصوفية والمذهب الزيدي. تلك العلاقة التي كانت تُفترض أن تكون في صدام دائم، فإذا بها تتحول إلى "زواج متعة" مذهبي طويل الأمد، تُنجب لنا مسوخا فكرية بأسماء أولياء، وخرائط روحية تمهد الطريق لجنازير الكهنوت!
والشاهد إن الصوفية في جوهرها تهيم في حب الله، تأنف عن السياسة، وتتشبث بالتأمل والمقام والذكر.
فيما الزيدية، في جوهرها، مذهب سياسي مسلح، لم يعرف من المقامات إلا مقامات القتال، ولم يسبح يوما لله إلا على سروج الخيل.
فكيف إذاً أصبحت الصوفية بغلة الزيدية؟ كيف تحول الدراويش إلى مرافقين لعمائم الجباية والولاية؟
الجواب ليس في الكتب، بل في الجُبب!
ففي لحظة تاريخية ما، اكتشف بعض مشايخ الصوفية أن "القبض على الجيوب" أهم من "القبض في الصلاة"، فباعوا الطريق إلى الله في سوق الموالاة. وسرعان ما تحولت الزوايا إلى مكاتب تنسيق، والموالد إلى منصات طاعة، والدعاء إلى أناشيد تعبئة.
ولأن المذهب الزيدي منذ زمن بعيد كان يفتقر إلى البُعد الروحي والجمالي، استعان بالصوفية ليُجمّل بها قبحه السياسي.
صدقوني استخدم من يسمونهم الأولياء كزينة على واجهة مشروعه العنيف. فها هي مقامات الأولياء محاطة بشعارات "الصرخة"، والمولد النبوي يُحوّل إلى مهرجان دموي يتلوه قصف على تعز!
لكن أكثر ما يثير الضحك (الأسود طبعا) أن كثيرا من المتصوفة صاروا يبررون للإمامة وكأنهم وكلاء علاقات عامة لمليشيا الموت. منهم من يردد: "السيد هو الامتداد لآل البيت" وكأن الله أنزل الصوفية ليُبرروا للظلم التاريخي بشرعية النسب!
بمعنى أدق هل نحتاج إلى تذكير أن الولاية في التصوف لله وحده؟ أن الزاهد الحقيقي لا يقبل أن يخدم سلطة دينية تحاصر مدنا وتنهب قوت الفقراء؟ بل ألم يكن فيهم رجل رشيد يقول: "ما لنا وللطغاة، حتى لو رددوا أذكارنا"؟
الحقيقة المرة أن الصوفية في اليمن تعاني من أزمة هوية، أو لِنقُل إنها صارت كائنا انتهازيا بأثواب ملونة. ضاعت عندهم البوصلة، فبدلا من التوغل في المحبة، توغلوا في الخضوع. وبدلا من العروج إلى السماء، صاروا يتقبلون مشروعا أرضيا يجر البلاد إلى الهاوية.
لذلك يا صوفيي اليمن... أما آن أن تتوبوا عن خيانة الأرواح؟ أما آن أن تعودوا إلى الله وتتركوا أولياء الطغيان؟
فأن تكون صوفيا في زمن المليشيا، يعني أن ترفض القيد، لا أن تطرّزه بالمدائح.
معادلة النار
الصوفية لصالح الزيدية: دروشة بنكهة عمامة سوداء!
ساعة ونصف من الضجيج الأجوف؟!
الجنرال: الزمن… يتهيأ لدخول صنعاء
عن المخاوف السعودية الاماراتية من الهجوم البري