أحمد الشلفي
على خلفية النفي السعودي والإماراتي لتقارير مشاركتهما في محادثات مع الولايات المتحدة بشأن عملية برية محتملة في اليمن، يبرز سؤال محوري يتجاوز حدود الساحة اليمنية: إلى أي مدى تثق دول الخليج، وغيرها من الدول الحليفة، بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟
النفي، بغض النظر عن دوافعه المباشرة، يحمل دلالة مهمة. فهو لا يُعبّر فقط عن رغبة في تجنّب التورط العلني في حرب قد تكون مكلفة وغير مضمونة النتائج، بل يكشف عن تردّد حقيقي في الانخراط بتحالف ميداني تُديره إدارة لا تحظى بالثقة الكاملة.
ويبدو أن السبب الرئيسي وراء هذا التردّد هو الافتقار للثقة بقرارات ترامب وتقلباته. الرجل الذي عُرف خلال ولايته الأولى باتخاذ قرارات مفاجئة، وبتقديم وعود لا يلبث أن يتراجع عنها، بات من الصعب على حلفائه أن يعتمدوا عليه كشريك موثوق في نزاعات تتطلب التزامًا طويل الأمد، وتحمّلًا مشتركًا للأعباء.
كما أن دولًا مثل السعودية والإمارات، اللتين سبق أن جربتا التدخل في اليمن ودفعتا كلفة عالية سياسيًا وأمنيًا، ليستا في وارد تكرار الخطأ نفسه ضمن مظلة دولية مهتزة، وبقيادة أمريكية غير مضمونة. وربما تسعى الدولتان من خلال هذا النفي إلى التنصل المبكر من مسؤولية أي عمل عسكري قد يحدث لاحقًا في اليمن، لتجنّب تحميلهما نتائج أي فشل أو تصعيد غير محسوب.
وتبقى المخاوف السعودية – بشكل خاص – قائمة من فشل الغارات الجوية الأمريكية في تحييد خطر الصواريخ والطائرات المسيّرة الحوثية، الأمر الذي يجعل الحديث عن عملية برية محفوفًا بالمخاطر، في ظل عدم وجود ضمانات أمريكية حقيقية بالحماية أو الدعم الكامل.
ولا يمكن فصل هذا الموقف أيضًا عن التفاهمات السابقة بين السعودية وإيران، والتي جاءت بوساطة صينية، وأسهمت في خفض التوتر بين البلدين. فالسعودية تدرك أن أي عملية برية في اليمن قد تُفسَّر إيرانيًا على أنها محاولة لمحاصرتها وهو ما قد يدفع طهران إلى الرد، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وبالتالي فإن الحرص السعودي على عدم الانخراط في مغامرة جديدة لا يعود فقط إلى الحذر من الشريك الأمريكي، بل إلى تفادي نسف تفاهمات إقليمية هشة قد تفتح أبوابًا جديدة للاشتباك في لحظة شديدة الحساسية.
