آخر الأخبار


الاربعاء 16 ابريل 2025
لا نستطيع أن نغفل أن نرامب فاجأ العالم بإعلان عقد مفاوضات بين أمريكا وإيران وبجانبه نتنياهو.
لم يكن هناك أي جديد ليطلبه نتنياهو من ترامب.
إعلان الخبر وبجانبه نتنياهو الذي حضر بصورة غير متوقعة، أمر لا يمكن أن يكون صدفة وإنما متعمدا ويستدعي الانتباه.
نتنياهو، كان مع ترامب قبل أسابيع قليلة في واشنطن عندما أهداه الأسلحة والذخائر التي يحتاجها للعودة لتدمير غزة بينما هو يعلن خطته لتحويل شواطئها إلى "ريڤييرا".
فاجأ ترامب العالم بإعلان تراجع خامنئي وقبوله بالتفاوض بشأن المشروع النووي.
وجود أسماء ترامب وخامنئي ونتنياهو- في سطر واحد- هو علامة لنهاية حقبة طويلة استمرت 40 سنة من الصراع بين حائك السجاد الإيراني.. واليهودي المحترف.. والكاوبوي الأمريكي.
سنبحث في هذا الأمر، ثم ندخل في عادتنا المفضلة بإقحام تأثير أي حدث على الصراع في اليمن.
**
أولا: ما قاله نتنياهو
**
قال اليهودي المحترف، نتنياهو:
*
"إذا كان من الممكن القضاء على المشروع النووي دبلوماسيا مثلما حدث في ليبيا، فهذا شيئ جيد."
(القذافي، سلم كل شيئ: اليورانيوم الخام والمخصب والأجهزة، وتحولت مباني ومختبرات المشروع النووي الليبي إلى مأوى للصراصير والفئران.).
أما داخل اسرائيل فقد عبر مسؤولون عن رأيهم- بحسب مجلة "بوليتيكو"- فقالوا:
١- "موافقة إيران على التفاوض، هي مجرد محاولة لكسب الوقت، وبعد مدة سوف تعود لإحياء طموحها النووي."
٢- " وأيضا، فإن التفاوض قد يفتح نافذة لإيران لتستعيد عافيتها بعد خسائرها الفادحة من ضربات اسرائيل لها داخل أراضيها، وفتكها بحزب الله داخل لبنان، وتعجيلها بزوال بشار الأسد في سوريا."
٣- "وقد تحاول إيران إنقاذ حماس وغزة من فتك اسرائيل وإنقاذ الحوثيين من ضربات ترامب في اليمن."
**
ثانيا: ما قاله ترامب
**
١- افتخار الكاوبوي
*
الكاوبوي الأمريكي، تحقق له كل ما يريد، وقال:
"سوف نتفاوض مباشرة مع إيران."
"لقد بدأت المناقشات، فعلا."
"المناقشات بين أرفع الرتب والمستويات تبدأ في عطلة الأسبوع."
(لم يحدد ترامب مكان الاجتماع. كان ترامب يريد إهداء دولة الإمارات هذه المهمة لكن إيران لا تثق بها وفضلت سلطنة عمان.)
(روابط إيران بسلطنة عمان في الباطن، هي أكثر بكثير مما تبدو عليه في الظاهر)
ثم مزج ترامب المواعظ والحكمة بالتهديد المبطن والافتخار بالانتصار على خامنئي، قائلا:
"هذا أفضل بكثير من البديل الآخر الذي هو واضح للعيان."
(ترامب يعني بالبديل الواضح إنما هو ضرب إيران وتدمير مشروعها النووي بالقنابل الضخمة بالقاذفات الأمريكية العملاقة."
٢- غطس ترامب في التعرفة الجمركية
*
ثم عاد إلى مونولوجه المحبب بأن أوروبا والصين وغيرهم يستغلون أمريكا، وينعمون بالثراء بفضل شراهة السوق الأمريكية للاستهلاك، وأنه سوف يعيد عظمة أمريكا بالتصنيع المحلي وبزيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الخارج.
نتنياهو، سكت طوال الوقت بعد أن تملق ترامب بأن اسرائيل سوف تخفض الجمارك على السلع الأمريكية.
ترامب، رد عليه بأن هذا شيئ جيد ولكن بدون أي وعد بالمعاملة بالمثل وتخفيض نسبة 17% التي فرضها على بضائع اسرائيل.
٣- تعليق
*
المؤكد، هو أن نجاح ترامب في استعمال زيادة الجمارك وإعادة التصنيع لزيادة شعبيته ولإعادة عظمة أمريكا، هو أمر مشكوك به وفي علم الغيب.
ما يهمنا، هو أن تحقيق انتصار واضح على إيران والحوثيين في اليمن، هي أمور محتملة جدا وفي متناول اليد.
وعلى هذا سوف يبذل ترامب كل جهده لإنجاز مهمته بتقزيم الدور الخارجي لإيران والتخلص من أصدقائها.
لم يبق من أصدقاء إيران في المنطقة إلا في العراق واليمن.
الميليشيات التابعة لها داخل العراق، قد استجابوا لتهديداته وابتدؤوا بمفاوضة الحكومة العراقية على تسليم أسلحتهم.
الحوثيون- في اليمن- مازالوا يكابرون ويقررون أنهم سوف يهزمون أمريكا وترامب الذي مازال يقصفهم بضراوة للأسبوع الرابع على التوالي.
**
ثالثا: خامنئي، يُقرر "التقية" و "حياكة السجاجيد"
**
خامنئي، ربما قام بأعظم أدواره خلال الشهر الماضي.
أدوار، قد تبدو مرتبكة ومتناقضة.
لكن يمكن أن نراها على أنها متناغمة إذا وافقنا على أن الدول والأمم إنما هي حصيلة ما مرت به من ملاحم وتجارب عبر آلاف السنين.
خامنئي، تقلَّب بين ملاحم إيران مما جعله يبدو متذبذبا ولكنه في الحقيقة كان يزور نفسه وتاريخ وتراث أمته عبر العصور.
وجعلنا خامنئي نتفرج على حيرته وهو يتجول بين فصول متنوعة شملت كل ملاحم إيران الكبرى عبر أربعة آلاف سنة:
مخزون خبرة وتجارب إيران
*
امبراطوريات فارس المتعاقبة— السقوط أمام الاسكندر الأكبر— اعتناق ديانة الإسلام على أيدي البدو العرب— المحافظة على نظام الحكم أهم من الكبرياء— "هيهات منا الذلة"- "التقية الشيعية"— نهوض إيران قبل 40 سنة الذي استبدل "الإمام الغائب" بمبدأ "ولاية الفقيه"— هناك أيام للعدوان على الآخرين وأيام أخرى للاستسلام— لكل يوم معاركه وغدا يوم آخر.
حائك السجاد الإيراني، يتخيل قبل أن يبدأ العمل بسنة شكل السجادة النهائي قبل شراء الخيوط والإبر والأصباغ وتوزيع الأعمال بين الصبيان.
هناك حائك سجاد في تركيبة كل إيراني.
خامنئي، كان قد رفض حتى الإقرار بوصول رسالة ترامب التي خيره فيها بين التفاوض المباشر أو التعرض للضرب.
ثم تقلب خامنئي بين كل فصول تاريخ إيران، ثم تخيل الوضع النهائي
… وقرر الاستسلام.
وقرر أنه سوف يستفيد هو وشعبه من رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
وأن الاستسلام في الحقيقة قد يطيل من عمر نظام حكم الملالي لسنوات عديدة.
**
رابعا: الحوثي لا يستطيع النزول من السقف
**
الحوثي، لا يوجد في مخزون تراث الحوثي إلا خطبة "الغدير" في مكة قبل ١٤ قرن من الزمان.
قد قرر الحوثي أنه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ ليس اليمن فقط ولكن فلسطين والعرب والمسلمين.
هذا سقف عالي للغاية ولا يمكنه النزول منه.
ولا يهتم الحوثي بدمار اليمن، لأنه لم يعمر ولم يشيد أي شيئ داخل اليمن.
ولا يهتم الحوثي بتدهور الأحوال المعيشية لليمنيين، لأنه عاش وتربى في الجبال النائية ولا يعرف ما يحتاجه الناس ليعيشوا.
ولا يهتم بفقدان أجيال من الأطفال للتعليم، لأنه تعلم على يد والده فقط ولم يذهب إلى أي مدرسة ويعتقد أنه أفصح الناس وأكثرهم علما وأنه "علَم الهُدى" كما يصفونه، وأنه هو الذي سوف يعلم كل الناس بالخطب والمواعظ.
الحوثي، جاء من بيئة لا تعرف شيئا من معاني الدولة ولا الفرق بين علوم الدين وبين الكيمياء والفيزياء والبيولوجيا والرياضيات.
تلخيص الحوثي: الزهد فريضة والجهل فضيلة.
خاتمة
**
١- الحوثي سوف يختفي
*
سوف سيختفي الحوثيون بطريقة أو أخرى.
السيناريوهات المحتملة، عديدة ولكن النهاية الحتمية مؤكدة.
٢- النخب والتشكيلات ولوردات الحرب
*
لا يبدو أن التشكيلات العسكرية في المخاء أو الضالع أو عدن أو المقاومة الشعبية في تعز أو حتى الجيش الوطني في مارب، ولا المجلس الرئاسي المنقسم في أبو ظبي والرياض، سوف يكون لهم دور في تخليص بلادهم من الحوثيين.
الغالب، أنهم هم الذين سوف يستمرون بإيذاء اليمن إما بالأطماع أو التبعية أو الانفصال.
٣- اليمنيون
*
سوف تكون هناك حسرة على أن خلاص اليمنيين من الحوثيين جاءت بالدرجة الأولى على أيدي ترامب وليس على أيديهم.
ويا خوفي لو تمتد الحسرة إلى مصائب طازجة وجديدة أو بالية وقديمة بانجرار اليمنيين إلى صراعات مناطقية ذاتية أو بتمويل وتشجيع من الجيران.
٤- السعودية والإمارات
*
كنا نتمنى لو أن إنقاذ اليمن كان على يد السعودية والإمارات.
كان هذا سوف يضع الأساس لمستقبل ممتاز بين كل شعوب شبه الجزيرة العربية يجمع بين الازدهار الاقتصادي والاستقلال والقوة والثقة والاحترام المتبادل.
هؤلاء كلهم سوف يركبون الموجة، ولكن التاريخ لا يكتب من ركب الموجة… بل من صنع الموج.
ظاهرة صحية
حق العودة لليمنيين
مافيا الوقود في اليمن
أديس أبابا... نداء الجنة من قلب إفريقيا
القمامة في تعز: بين الذكريات والحلول