الاربعاء 28 مايو 2025
اليمن- إعادة البناء بخطى شابة ورؤية واضحة!!!!!
الساعة 11:46 صباحاً
أيوب الحمادي أيوب الحمادي

الرئيس السوري وفريقه يمثلون طاقات شابة تمتلك حلفاء حقيقيين، وبوجود عزيمة صادقة ورغبة حقيقية في تجاوز الكارثة، التي خلّفها النظام السابق. بدأوا مسيرة إعادة بناء الدولة منذ كم شهر، ولو كنت سوريًّا، لكنت وقفت إلى جانبهم، لأنهم يتحدثون بوضوح وصدق وسهولة، وينفذون ما يقولونه دون لفٍّ ولا دوران، وبدون تمثيل أو تملّص برغم الاستهداف لبلدهم.

لم أرَ أحدًا منهم يقيم في فنادق أي بلد يزوره لأي لقاء، بل إن الرئيس السوري ذهب إلى المملكة للاجتماع مع الأمير محمد بن سلمان وترامب، وفي نفس اليوم كان موجودًا في دمشق يخاطب الشعب السوري، وكذلك يفعل وزير خارجيته في كل تحركاته. الرئاسة والحكومة في سوريا تعملان كخلية نحل متنقلة جديرة بالدعم والاحترام؛ يوميًّا هناك لقاءات مع رجال أعمال وإعلاميين، ومثقفين، وأساتذة جامعيين، وممثلين عن فصائل مختلفة، ومستثمرين، وشخصيات سياسية داخلية وخارجية وغيرها، ولكل اجتماع هدف واضح ومعلوم عمّا يريدون.

كل من يخرج من عندهم يدرك أن وتيرة التغيير ستكون سريعة جدًّا، وهناك رؤية ومشروع معهم. الكل امامهم مثل عقارب الساعة، انضباط ونشاط وادراك للفرصة، والجميع يريد المشاركة معهم، لاسيما وقد انتشرت الفكرة بأن لتغيير بلد تحتاج إلى صدمة وفرمتة وإعادة برمجة: الصدمة حدثت بسقوط النظام السابق، والفرمتة بدأت بتقدم طاقات شابة جديدة وذات كفاءات، وإعادة البرمجة تعني اعتماد نهج جديد للدولة وادارة الشأن العام. هنا تجد سوريا طريقها.

ورغم قناعتي، أجد أن سوريا اليوم تمتلك قوة كبيرة بجانب العزيمة والقيادة والداخل ولم ينتبه إليها الكثيرون، وهي الجالية السورية المنتشرة في أنحاء العالم، وهم ملايين البشر من الطاقات المهنية المحترفة، الذين هجرهم النظام السابق، فتعلموا افضل التعليم والمهن واختلطوا بشعوب وثقافات مختلفة، وصاروا رأس المال الحقيقي لسوريا، وكنزًا لا يُقدّر بثمن، وجسورًا بين المجتمعات وبلدهم الأم. من وجهة نظري، هؤلاء هم-الطاقات الشابة - الركيزة الأساسية في بناء التغيير وسوريا المستقبل، إلى جانب من هم داخل البلد. اليوم تحركات القيادة السورية مع ابناء سوريا ستفاجئ العالم بسرعة البناء والنهوض، كما فاجأت العالم سابقًا بعملية التحرير من نظام الاسد. ولو كنت من سوريا لكنت بكل إمكانياتي إلى جانب بلدي الان.

أما نحن في اليمن الحبيب، أمانة الله، لدينا جيل متشبع بالفساد والمحسوبية، ومن عقود هم ايضا شهود زور يبيعون ويشترون بوطنهم ويسمون أنفسهم قيادات، نخجل بهم. لم يكسبوا احترام الشعب اليمني ولا المنطقة ولا المجتمع الدولي. لم يُكتب أنهم اجتمعوا برجال المال اليمني لمناقشة مشاريع تنموية، ولا اجتمعوا مع عقول اليمن لبناء رؤية استراتيجية، ولا التقوا بأبنائنا في الخارج والمهجر لبناء جسور لإصلاح الداخل او حشدهم معهم في معركة اصلاح المجتمع. لم يتم طرح حزمة مشاريع تنموية لليمن أمام المنطقة، ولم تنظم ورش عمل، ولا ورش إعلامية، ولا ورش إدارية وخدماتية، ولا حتى ورش عمالية.

الان نشاهد بوادر ازمات في كل المدن اليمنية اساسها الفساد وانعدام وجود ثقافة الدولة، والمعالجات كحبات الاسبرين لا اكثر. واعطيكم مثال عن الماء في تعز. في عامي 2019 و2020، وصلت إلى تعز مبالغ عديدة بلغت 39 مليون دولار، بالإضافة إلى أكثر من 7 ملايين و300 ألف يورو، وحوالي 3 ملايين جنيه استرليني، و700 ألف دولار كندي وغيره، وذلك لقطاعات المياه والصحة والبيئة وفي أقل من 24 شهرًا. نحن هنا نتحدث عن ما يقارب 55 مليون دولار، والناتج: لا ماء، ولا صرف صحي لان الدولة كلها فساد متأصل من عقود.

الفساد بنظرة قيادة اليمن المريضة ملح التنمية، دمر كل شيء في اليمن كلها. ففي صنعاء، على سبيل الذكر ومن عقود يوجد مبنى واحد بُني في عهد نظام صالح وهو "المعهد الكوري"، وكلف 80 مليون دولار من ذلك حسب علمي 55 مليون دولار قرض، وفي النهاية لم يصبح معهدًا، بل تحول إلى مبنى إداري دون معنى في صوفان.

أي أننا لم ننقل شيئًا من كوريا، بل علمناهم الفساد. أذكر هنا أنني التقيت بالمهندس الكوري عام 2014، وأردت أن أعرف التفاصيل بعد أن تفحصت ماهو موجود من معدات، لكنه كان قلقًا مني لأنه ظن أنني من قبل الرئاسة او التفتيش، وقد أخبره طرف معين بعدم إعطائي أي معلومات الا بالقطارة. كنت وقتها أريد تفعيل هذا المبنى، وأحببت أن أقيم التجهيزات وأن أضع خطة للاستفادة منه بعد أن طُلب منّي ذلك. باختصار، معهد بكلفة تزيد على 80 مليون دولار انتهى به الأمر أن أصبح مبنى إداريًا.

لم اتحدث هنا عن الفرص الضائعة ولا المشاريع المتعثرة في العقود السابقة واليوم، لكن الرابط الوحيد أن جينات الفساد متأصلة داخل تركيب المسؤول اليمني، لان ذلك شطارة والفساد ملح التنمية. بينما نجد العالم يتغير باقل من ذلك، واعطيكم هنا مثال، إن برنامج الفضاء الهندي، بما في ذلك الهدف إلى الوصول إلى المريخ — وليس القمر — رصدوا له ميزانية قدرها 80 مليون دولار. ولو كانت هذه الأموال في اليمن، فلا تكفي إلا كم مسؤول، وفي الاخير نستغرب، لماذا لانجد أثر نجاح لمسؤول واحد، اي هذا المبلغ لم ننجح نحن في بناء مبنى وتأهيله به، والهنود سوف يصلون المريخ به.

ولنذكر أن البرنامج النووي الباكستاني كله لم يكلّف سوى 450 مليون دولار، وهو مبلغ أقل من الذي تم إنفاقه على بناء مطار صنعاء الدولي الجديد في عهد النظام السابق. وفي النهاية، لم نجد سوى مبنى مهجور، وهربت شركة المقاولات بعد أن ساد الفساد. باكستان امتلكت انسان يفكر بها كأمة مستهدفة، وانفقوا 450 مليون دولار لبرنامجها النووي للاجيال، وهذا يوازي نفس المبلغ عندنا، والذي كانت قطر تخطط إنفاقه لبناء مستشفى حمد الطبي في تعز، والذي فشل بسبب عدم حل مشكلة الأرض، وكله كان فسادًا فوق فساد، وبنظرة قيادة اليمن المريضة ملح التنمية.

واتحدى أي شخص يقول لي، ماذا ترك لنا هذا أو ذاك، من رئيس الجمهورية والحكومة إلى الوزراء الى وكلاء الوزارات ومن عقود، من مشاريع للاجيال القادمة نبني عليها، غير الهدر والفساد والسرقة وثقافة اللامبالاة والفشل الذي لاينافسنا به أحد. وفي الأخير نعيدهم مثل "الريسكلنج" الى المشهد بدل المحاسبة والسجون للفساد والفشل، ونستغرب أين الخلل.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار