آخر الأخبار


السبت 10 مايو 2025
انتهت المشاورات اليمنية في نسختها الثالثة، ولم يحدث أي اختراق للجدار المتصلب الذي يرى المحللون أن الحوثي وصالح يقفون خلفه، رغم أن مفاوضات الكويت المارثونية أخذت حيزاً لدى المحللين والمتابعين، ومثلت النسخة الإيجابية عن سابقاتها في سويسرا، بيد أن ذلك لم يصل إلى النتيجة المنتظرة؛ وهي التوقيع على اتفاق ينهي الأزمة ويعيد مؤسسات الدولة.
اختار الحوثيون طريقاً يقول المحللون إنها تشبه تلك التي في سوريا والعراق ولبنان بصبغة إيرانية، وهي ترجح خيار الدمار والحروب واللانظام على السلام والنظام والقانون.
وقد ينهي هذا الخيار الطموح الإيراني في اليمن بانتصار الشرعية عسكرياً، وطي صفحة دامت قرابة عامين، وأنهكت البلاد على مختلف المستويات.
الخبير الأمني والعقيد المتقاعد زيد الجابري اعتبر عرقلة الحوثيين وصالح لـ "الفرصة الأخيرة" من المفاوضات قراراً أحمق، على حد وصفه.
وأضاف الجابري، في تصريح خاص لـ "الخليج أونلاين"، أن أتباع إيران في اليمن لا يتمتعون بالرؤية السياسية الثاقبة، وإلا فقد كانت مشاورات الكويت فرصة جيدة بالنسبة لهم للحفاظ على مستقبلهم السياسي، لكنهم- كما يرى الجابري- فضلوا الطريقة الإيرانية في التعامل مع الأوضاع؛ سعياً منهم إلى تدمير ما تبقى من البلاد، واستمرار مسلسل نهبهم للمال العام.
وعن الخيار العسكري للانقلابيين، رأى الجابري أنه ليس خياراً إيجابياً بالنسبة لهم، حيث فقدوا معظم المحافظات والمناطق في اليمن، وأصبحوا محصورين في العاصمة صنعاء وبعض منافذها، لكن الجيش الوطني أصبح على مقربة من مختلف تلك الجبهات؛ كالحديدة التي يستخدمونها لتموين صنعاء، والبيضاء التي ستفتح البوابة الجنوبية إذا ما التقت مع جبهات لحج، وتعز، كما أن الجبهات الشرقية في مأرب والجوف باتت تحت سيطرة الشرعية التي تقترب من صنعاء عبر نهم، ولا تعتبر صعدة ذات أهمية بالنسبة للانقلابيين بعد أن أُعلنت منطقة عسكرية، واعتماداً على ما يجري في الجبهات المذكورة فإن الخيار العسكري يبدو ضرباً من الخيال بالنسبة للحوثيين وصالح، إضافة إلى أن عتادهم العسكري لا يخدمهم إلا في "حرب الشوارع"، وهي التي سيكون للشارع اليمني وغياب الحاضنة الشعبية قرار الفصل فيها.
وبعد تشكيلهم ما أسموه بالمجلس السياسي الأعلى لإدارة البلاد، دعا الانقلابيون لانعقاد مجلس النواب، في إشارة إلى مضيهم في إضفاء نوع من "الشرعية الزائفة" على انقلابهم الثاني، وتقديم أنفسهم للمجتمع الدولي كقوة سياسية بأمل التعامل معهم كنظراء للحكومة الشرعية رغم أن إيران نفسها لم تعترف أو تدعم رسمياً إعلان تشكيل المجلس.
التطورات الميدانية على الأرض في مختلف الجبهات، إضافة إلى تدشين الجيش والمقاومة الوطنية عملية "التحرير موعدنا" من بوابة صنعاء الشرقية في نهم، وإغلاق الملاحة الجوية لثلاثة أيام، كشفت بوضوح إلى أين تتجه الأزمة اليمنية، خصوصاً بعد انتهاء المشاورات دون نتائج.
الجابري ذاته شدد على أن تفرض الشرعية نفوذها في المناطق التي تسيطر عليها وتتجه للتقدم نحو مواقع الانقلابيين، وذلك وحده سيشكل ورقة ضغط حقيقية يمكن أن ترغم تحالف الحوثي وصالح على التراجع عن تشكيل مجلسهم السياسي ومحاولة الانقلاب على الشرعية مرة أخرى، والعودة إلى مفاوضات تستند إلى المرجعيات الأممية والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، مضيفاً أن فتح جبهات جديدة، وتحديد أهداف متقدمة، ودعم وتعزيز الجبهات التي تشهد المواجهات سيكون ذا جدوى أكثر من انتظار أي جولة جديدة من المفاوضات.
ولم يكن بيان ولد الشيخ الختامي صريحاً، وكذلك عرقلت روسيا مشروع قرار يدعو الحوثيين وصالح للتعاون مع المبعوث الأممي، وهو ما يراه محللون- ويتفق معه الرأي العام اليمني- يسهم في تمادي الانقلابيين وتعنتهم، ومواصلة رفضهم للحلول السياسية.
ويستبعد المتابعون إحداث أي تغيير في موازين القوى على الأرض لمصلحة طرفي الانقلاب، بعد أن بدؤوا مناوشات على الحدود اليمنية السعودية بهدف شغل التحالف العربي بجبهة أخرى خارج تلك الجبهات التي تشتعل بالقرب من معاقلهم، ومراكز القوى التابعة لهم.
الصحافية والناشطة السياسية أماني عبد الله، أدلت لـ"الخليج أونلاين" بتصريح خاص، أشارت فيه إلى ما يمكن أن يعقب انتهاء مشاورات السلام في الكويت، إذ ترى أنها فشلت في إقناع الانقلابيين بتنفيذ القرار الأممي والقبول بالعودة لدولة مدنية يتساوى فيها الجميع، رغم أن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، أكد في أكثر من مرة أن المفاوضات لم تفشل وطالب باستمرارها.
"عبد الله" أبدت أسفها مما يجري في اليمن، وما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع، خصوصاً الإنسانية، والحقوق والحريات، في ظل تزمت وتعنت طرفي الانقلاب، وإصرارهم على المضي نحو طريق الدمار والتخريب، مستنسخين ما جنته إيران للعراق وسوريا إلى اليمن، مستدركة بما تقول إنها حقيقة؛ "حيث لا يأتي السلام إلا بعد الحرب"، وهي ترى أن السلام في اليمن لن يكون دائماً ومستمراً إلا بعد مزيد من الحرب والدماء والدمار حتى يذعن الانقلابيون للمرجعيات الأممية، ويكفوا عن اتخاذ جولات المفاوضات لترتيب الأوراق ليس إلا.
ويتابع المحللون الموقف الدولي حيث يصفونه بالجمود إزاء رفض الانقلابيين الانصياع للقرارات الدولية، ولم تكن ردة الفعل تجاه تشكيل ما أسمي بالمجلس السياسي الأعلى ذات جدوى حيث لم يتوقف تحالف الحوثي وصالح عن ممارساتهم في تدمير البلاد، وتمييع مؤسساتها الدستورية لمصلحتهم.
الصحافية أماني تقول إنه يجب على المجتمع الدولي والحكومة الشرعية القيام بخطوات وإجراءات عملية تحد من سيطرة الانقلابيين على ما تبقى من الاحتياطي النقدي، والمؤسسات الإيرادية، وعدم استمرار الحكومة الشرعية في توريد المبالغ من المحافظات المحررة إلى البنك المركزي الذي ما تزال تسيطر عليه أطراف الانقلاب، وتستخدمه لتغذية حروبها وإدارة أزماتها، ومن ثم- تقول أماني- تستطيع الحكومة قطع شريان يتنفس منه الانقلابيون وتعجل بانهيار ما تبقى من كياناتهم القائمة.
لا شيء من الصواب يتقنه الحوثيون وصالح بعد أن رفضوا التوقيع على مقترح ولد الشيخ لحل الأزمة اليمنية، وفتحوا المجال لعودة "الحسم العسكري" وبقوة، حيث شهد منتصف الأسبوع تحركاً في معظم الجبهات للجيش والمقاومة الوطنية مدعومين بطائرات التحالف العربي التي استهدفت عدة محافظات، منها العاصمة صنعاء التي توقفت الغارات فيها منذ أبريل/نيسان الماضي.
هل تتدحرج المعركة الهندية- الباكستانية إلى صراع نووي؟
إعادة إحياء خارطة التسوية العمانية
الميليشيات لا تحرر ولا تُنشئ دولاً!
بعثة دولية في سقطرى
حرب التقنية والتسويق