آخر الأخبار


الاربعاء 21 مايو 2025
آفة الأحزاب..آفة القبيلة
ترى ما بال هذه الأحزاب؟! أهي جمهورية فعلا؟ أم أنها أحزاب "بالمزاج"، تلبس الوحدة قميصا حين تهب رياح المصالح، وتخلعه حين تمطر السماء برميل نفط أو وساطة خارجية؟
الحوثيون، ذلك النموذج المذهل للكهنوت المعاصر، يتحدثون عن وحدة الصرخة لا وحدة الأرض.
وحدتهم تبدأ من مران وتنتهي في سلالة لا تعترف حتى بقرى صعدة الأخرى.
يمارسون التشطير بطقوس عمائمهم، ويقسمون اليمن إلى مناطق ولاة وخُمس وأوهام الاصطفاء المقدس.
وحدتهم الوحيدة مع الله، كما يظنون، أما بقية اليمنيين فهم رعايا من الدرجة العاشرة.
ثم هناك الانتقالي، وتحديدا كائناته التي خرجت من رحم الحزب الاشتراكي بعملية قيصرية أمريكية – بريطانية مشتركة.
نصفهم اشتراكي سابق، والنصف الآخر متقاعد في فندق خمس نجوم بعيون زجاجية.
شعارهم: "جنوب جديد، لكن لا تسألنا عن الكهرباء ولا عن الدولة، فقط ارفع علم التشطير وسنصمت".
أما حزب الإصلاح، فيرى الاشتراكي انفصاليا، ويرى الحوثي مشروعا للمصالحة، ويرى نفسه مظلوما منذ السقيفة!
بل يعيش على عقدة الطهر السياسي، لكنه حين يصمت عن ال..حوثي ويهاجم الاشتراكي، فإنه يخدم أكثر أجندة الح..وثي نفسه.
واما المؤتمر الشعبي العام؟ فقد صار هذا الحزب مثل حبة اسبرين منتهية الصلاحية.
يتحالف مع الح..وثي تارة، ويتنصل منه تارة، ثم يعود له كالحبيب القديم الذي لا يستطيع فراق جلاده.
فلا موقف واضح،و لا مشروع، مجرد ردة فعل سياسية كأنها تغريدة منسية.
أما الحزب الاشتراكي اليمني، الحزب الذي نشأ وحدويا وقدم قوافل من الشهداء من أجل وحدة 22 مايو، فقد صار اليوم يرتجف من مصطلح "يمني".
بعض قادته يصمتون حين يعبث الانتقالي بأحلام الجنوب اليمني ،وكأن النضال توقف عند البيان رقم 1.
تلك هي المسألة، وتلك هي المعضلة: أحزاب جمهورية وحدوية تتعامل مع الوحدة كما يتعامل التاجر مع موسم التخفيضات. قليل من المبادئ، كثير من العروض.
لكن، رغم كل هذا العبث، ثمة شموع لا تنطفئ.
قيادات وأعضاء داخل هذه الأحزاب ما زالوا يؤمنون بالوطن الكبير، وما زالوا يرون في الوحدة مشروع حياة لا صفقة مؤقتة.
هؤلاء هم رهاننا الأخير، وذخيرتنا الأخلاقية في وجه حفلة الانتهازية التي ترتدي الأقنعة الحزبية.!
بمعنى أدق تبدو الوحدة اليمنية في نظر أحزابنا "الجمهورية" كأنها علبة سردين منتهية الصلاحية: يفتحونها عندما يشتهون خطابا وطنيا، ويغلقونها عند أول صفقة مشبوهة.
الحوثي يمارس التشطير جهارا ويؤسس لإمامة مقززة، والانتقالي يفرغ الاشتراكية الوحدوية من معناها لينحت تماثيل "جنوبية" بعقلية ما قبل الدولة.
أما الإصلاح، فبينما يكره الاشتراكي أكثر من ال..حوثي، لا يمانع أن يحاضر عن الجمهورية داخل خندق طائفي.!
واما المؤتمر؟فهو ذلك الكيان العجيب الذي يجيد الرقص فوق جثث المبادئ.
فيما الحزب الاشتراكي اليمني، الحزب الذي وُلد من رحم الوحدة، صار يتلعثم عند لفظ "يمني" ويا للمفارقة، ويصمت حين يغني الانتقالي أناشيد التشطير.
لكن لا تزال هناك جذور لم تتيبس… وحدويون حقيقيون في كل حزب، نراهن عليهم، لأن الوطن لا يُبنى بالانتهازية، بل بالكرامة.
فوق هذا فإن القبيلة في تلك الكيانات السياسية ليست مكونا اجتماعيا بل آلية تشغيل!
الحوثي حولها إلى درع وراثي للكهنوت، والانتقالي يرفعها كراية ما قبل الدولة، يعجن بها "الجنوب الجديد" كأننا في زمن ما قبل الهاتف.
ومن ناحيته فإن الإصلاح يتغزل بها سياسيا، بينما يلعنها في منشوراته التنويرية، التي يصدرها للخارج في تناقض يثير الضحك والأسى.
في حين المؤتمر يتعامل معها ككنز انتخابي، لا يهم إن كان الغطاء قبليا أم فاسدا، المهم أن يُطبل ويُصفق.
و الاشتراكي؟ يراها رجعية، لكنه لا يجرؤ على مصارحتها، فيهمس لها كما يُهمس لحماة الميراث.
بينما القبيلة تحكم، تعين، تُقصي، تحل وتحرم، وكأننا في سوق عكاظ لا في جمهورية!
نعم، القبيلة قيمة اجتماعية عند من يحترم الدولة، لكنها عار سياسي عندما تقدم على الدستور.
نعم ، القبيلة "الوحدوية" تشبه قطة تدعي أنها نمر: تصرخ من أجل الوحدة ما دامت الزعامة في يد شيخها!
تتغنى بالجمهورية وتوزع الغنائم بالعُرف! تهتف لليمن الكبير، لكنها لا تعترف إلا بخارطة نفوذها.
و صدقوني..وحدوية القبيلة؟ مثل ديمقراطية السوط… وهمٌ يُباع في سوق القات مع وعود تسديد الديون للمقوت!
بمعنى أدق تصرخ القبيلة باسم الوحدة، لكنها لا تراها إلا خيمة تُنصب حول كراسي المشيخة.
تزعم الجمهورية، لكنها لا تتقن إلا إرث الغنيمة.
أي أنها ليست وحدوية؟ بل قناع رث لسلطة لا ترى في الوطن سوى خريطة نفوذ تُرسم بالبندقية والعُرف.
أي أن القبيلة التي تهتف للوطن، تخاف من اتساعه! تمدح الجمهورية، لكن لسانها لا ينطق إلا بعرف السادة.
أما وحدويتها؟ مثل طيف على الجدار: موجود حين تشاء، ويتلاشى حين تهدد الشمس عرشها.
أي أن وحدوية القبيلة؟ لافتة مرفوعة على جدار الطمع، تُسقطها أول ريح تهب خارج بيت الشيخ!"
لذلك فليخجل الجميع، وليراجعوا دفاترهم، فالتاريخ لا يرحم من تاجر بالوطن… ولا من خان الوحدة.!
لماذا نحتفل ب 22 مايو؟
وحّدتْنا المعاناة
الانفصال لحرب موحدة
بن بريك.. حضور باهت في ظل غياب الرؤية
إجازة 22 مايو
الشرق الأوسط على خطى الازدهار