آخر الأخبار


السبت 28 يونيو 2025
في لحظة يُفترض أن يسودها الصمت، أو على الأقل التأمل، تنفجر بعض حسابات في منصات التواصل بصراخ الشماتة، وكأن رحيل الشاعر الثوري فؤاد الحميري كان فرصة أخيرة لدى البعض لتصفية حسابات سياسية وشخصية مزمنة، لا علاقة لها لا بالشعر ولا بالثورة ولا حتى بالموت.
والشاهد أن الحميري لم يكن مجرد شاعر، بل كان مجازا حيا للقلق الوجودي اليمني، ذاك القلق الذي نحمله جميعا على أكتافنا المتعبة ونحاول تغطيته بطبقات من الأيديولوجيا المهترئة.
على إن رحيله يُفترض أن يكون لحظة للانكفاء نحو الذات، لا للخروج السمج نحو العلن بالهتاف القبيح: "يستحق!". وكأن الموت نفسه لم يعد كافيا لتذكير البعض بأننا لسنا خالدين، بل مجرد عابري سبيل على قارعة الزمن.
سياسيا، تُظهر هذه الشماتة هشاشة الوعي الجمعي، وافتقار الساحة اليمنية إلى الحد الأدنى من الأدب الإنساني قبل الأدب السياسي.
فالشماتة ليست موقفا سياسيا، بل عطبا أخلاقيا. بل لا أحد يشمت إلا لأنه خائف، مُفلس، أو يعاني من نقص حاد في القيمة الذاتية.
بمعنى أدق إنها صرخة داخلية تقول: "أنا لا شيء، دعوني أطفئ قنديل الآخر!". وقد يكون الحميري — بشعره الذي طال الجميع — مرآةً لا يريد البعض أن يواجه نفسه فيها.!
نفسيا، فإن الشماتة في الموت تكشف عن اضطراب عميق: محاولة مرضية للسيطرة على ما لا يمكن السيطرة عليه.
ف حين يموت أحدهم، نخسر جميعا حجارة جديدة من الجدار الذي كان يمنحنا معنى في هذا العالم المجنون.
لكن أن تشمت، فمعناه أنك تحاول استرداد وهم السيطرة، عبر إلغاء الآخر... حتى بعد موته.!
فلسفيا، الموت ليس حدثا سياسيا، بل تجربة كونية متساوية للجميع. أي أن شماتتك لا تغير شيئا من حقيقة أن الحميري رحل شاعرا، بينما ستبقى أنت مجرد معلق مجهول الهوية، يقتات على عفن الأحقاد.!
خلاصة القول؟ الذين شمتوا في فؤاد الحميري لم ينتصروا عليه، بل عرّوا أنفسهم.
وصدقوني كشفوا عن خواءهم الفكري، وعبوديتهم العاطفية لكل ما هو دوني.
ف الحميري مات واقفا... أما هم، فما زالوا أحياءً، لكنهم يزحفون بين الكلمات، كأنهم يخشون أن تصيبهم عدوى الحياة.!
والطريف – بل المأساوي – أن بعض الشامتين لم يقرأوا للحميري بيت شعر واحد. بل لم يفهموا رمزية "الثائر الشاعر" لأنه ببساطة لم يكن يوزع أرغفة ولا يُؤجّر ولاءً.
وبالنسبة لهم، الشعر بلا موقف حزبي هو مجرد ضجيج. وهنا تكمن المصيبة: مجتمع يقرأ القصيدة كما يقرأ بيانا عسكريا، ويزن القبر بميزان التحزب.
لذلك فإن هؤلاء لا يرثون الموتى، بل يتربصون بهم.
ولو عاد الحميري حيا لساعة، لكتب هجاء أبديا في من جعلوا من الجنازات حفلات شماتة، ومن الموت تجارة سياسية.
لكنه الآن مرتاح… بعيدا عن هذه السوق البائسة. أما هم، فباقون في طابور الانتظار، يحملون فواتير كراهيتهم، بقلوب صغيرة، وألسنة مبتذلة أطول من ظلالهم المرتجفة اللئيمة!
الحوثيون يجنون اكثر من مليار دولار سنويا من تجارة المخدرات
"حين ينحني التاريخ لنا ليمنحنا فرصة الغفران" رفقاء السلاح .... لاخصوم الأمس
خطاب المرشد: الدوغما، حينما تسحب السياسة الى فوهتها
المحسوبية… آفة العمل المؤسسي
منسيّون
كابوس الرياضيات: قصة طالب ذكي يعانق الفشل قبل أن ينتصر