آخر الأخبار


الاثنين 19 مايو 2025
لا تسقط القذائف من السماء فقط، تسقط القيم من عيون الناس، تسقط المعاني من الألسنة، يسقط الله من ضمير الجماعات، وتتهاوى "الوطنية" من خطابات الأحزاب، وتتبخر الدولة من كراسيها المهترئة. هكذا تُترك تعز: كيان مصلوب بين أربعة شياطين؛ السياسة، والدين، والفساد، واللامبالاة. هذه المدينة لا تعاني من الحرب فحسب، إنها تعاني من خيانة مُحكمة، من انحطاط شامل، من مجتمع يتفرج على الدم وهو يسيل ويغيّر القناة دون أن يرمش له جفن.
تعز لم تسقط فجأة. تم إعدادها للسقوط ببطء، باحتراف، ببرود قاتل. جرى التمهيد بكل أدوات الجريمة الحديثة: خطاب سياسي كاذب، فتاوى دينية مخدّرة، صفقات مظلمة، ووجوه ترتدي قناع المنقذ وتطعن من الخلف. مدينة جرى ذبحها باسم كل شيء: باسم الدولة، باسم الجمهورية كما يزعمون، وباسم الدين. السكين يتغيّر، والمذبوح واحد، والدم نفسه لم يجف منذ أول خيانة.
الأحزاب السياسية في تعز أدوات تخريب، كيانات مفلسة أخلاقيًا، لا تحمل إلا منطق التدمير. تتحرك من خلف الستار كأشباح، تدير الخراب عن بُعد، وتتقمص أدوار البطولة بوقاحة. لا تبني طرقًا نحو الحرية، تفتح ممرات نحو السقوط. لا تحمي المدينة، تخنقها بجدران الوهم. جذورها مقطوعة من الأرض التي تصرخ تحت أقدامهم. أما شعارات الجهاد، فليست سوى أغطية قذرة لإخفاء الطمع والذل.
والجماعات الدينية أكثر شراسة. تطلق الكذب، وتُعمّي العقول، وتغتال الفهم، وتشوّه صورة الله. تُحوّل الإيمان إلى قيد، وتُقدّم الجنة كرشوة، وتزرع الرعب على المنابر. هنا، القاتل يرفع المصحف، والضحية تموت وهي تطلب الغفران من قاتلها.
أما نبيل شمسان، فلا يُمكن تسميته محافظًا. إنه تجويف في كرسي السلطة، ظلّ بارد لشخص غائب، غائب عن الوعي، وعن المسؤولية. هذا اللص تجسيد مثالي للعدم السياسي. وجوده جريمة فكرية قبل أن تكون إدارية. الصمت الذي تمارسه الأحزاب إزاء فساد شمسان ليس حيادًا؛ شراكة كاملة في الجريمة. إن لم يكن الفعل السياسي خلقًا للمعنى، فإن غيابها مسح للمعنى، وإعدام للمدينة.
هنا لا أحد يقاتل العدو. الجميع يقاتل الحقيقة. الأحزاب تشيّع المدينة كل يوم، و"شمسان" يدس يدة لسرقة حقوق المواطنين. لا جذور، لا رؤية، لا كرامة. حتى الموت في هذه المدينة لم يعد نهاية؛ صار وسيلة وحيدة لإثبات الوجود. الحياة الوحيدة التي تحدث فعلًا. الجريمة تُقدَّم على موائد الأيام، كل يوم طعنة، كذبة، صفقة، خيانة. والقتلى بلا أسماء، لأن القوائم فقدت معناها.
الجميع متورط. لا يوجد بريء واحد. الصمت خيانة، والتبرير جريمة، والحياد طعنة. الأحزاب، الجماعات، المسؤولون، المتحدثون، الديماجوجيين، وحتى الصامتون، جميعهم أمسكوا بالسكين.تعز لا تحتاج إلى مساعدات، وإنما الى مواجهة الحقيقة. إلى من يقف على الخراب ويقول: "نحن فعلنا هذا"، لا ليبرر، بل ليفضح. ما لم يتم إسقاط نظام اللصوص، ستظل المدينة تموت في صمت، وتُذبح كل يوم، وتحدق في وجه قاتليها دون أن يرتجف لهم ضمير.
صنعاء مدينة مغلقة!
نبيل شمسان محافظ بلا ضمير
حفلة تخرج أم حفلة "ردة"؟!
ضحك تحت الضغط.. قصة من شوارع القاهرة
المدير السكران ..
كفى عبثًا...