الخميس 22 مايو 2025
‏الانفصال لحرب موحدة  ‏
الساعة 06:07 مساءً
مصطفى الجبزي مصطفى الجبزي

انعقد لقاء تنسيقي أول بين إعلاميين من المجلس الانتقالي الجنوبي وآخرين من "حراس الجمهورية"، ممثلين لكتلتين سياسـعسكريّتين، وعاصمتين مسلحتين. جاء هذا اللقاء قبل أيام قليلة من ذكرى إعلان الوحدة اليمنية.
‏ومع حلول هذه الذكرى، بدا واضحًا أن الاجتماع توافق على اعتبار أن الوحدة قد انتهت، وأن الاحتفاء بها لم يعد سوى تغنٍّ بجرح مفتوح وتذكير بمجزرة سياسية وبتمزيق للشراكة الوطنية. (يا لها من مفارقة انها من صنعهما!)
‏لكن، لا يملك المجلس الانتقالي صفة التمثيل الحصري للجنوب ليكون الممثل الشرعي والوحيد له، ولا يملك أنصار طارق صالح حق تمثيل الشمال. وكلا الطرفين غير مخوّل باتخاذ قرارات تتعلق بمصير الوحدة، أو الانتقاص من الصيغة القانونية التي تُعرّف اليمن على خارطة العالم.
‏الذريعة المعلنة لهذا التواطؤ هي التوحد السياسي من أجل محاربة الحوثي. بمعنى آخر: كيانان سياسيان متفقان على الانفصال، يسعيان إلى خوض حرب موحدة الأهداف دون أي مشروع واضح لليوم التالي. وهذه الصورة تحديدًا هي ما يثير قلق القوى الدولية والإقليمية، إذ تشير إلى أن مكونات الحكومة اليمنية لا تملك رؤية سياسية متكاملة لما بعد الحرب، وإنما تندفع في معركة لأجل المعركة، أو بدافع خصومة مباشرة مع الحوثي، لا يسندها مشروع سياسي شامل.
‏رفسا مشروع اليمن الاتحادي جانباً للفقز على التسلسل التاريخيّ للأحداث والتهرب من مشروع قابل للحياة.
‏يبدو أن بعض القوى السياسية المتحمّسة لمحاربة الحوثي لا تزال تشعر بشيء من الحرج، وإلا لأعلنت صراحة عن رغبتها في "استئجار الجنوب" من المجلس الانتقالي، حتى تُنهي مهمتها المزعومة ضد الحوثيين.
‏هذه القوى، التي تدّعي تمثيل الشمال، تمنح الانتقالي شرعية لم يحصل عليها بعد في الجنوب، وتتجاهل باقي المشاريع والرؤى الجنوبية المغايرة للانتقالي التي تمتلك كامل الحق في التعبير عن نفسها وصياغة تحالفات وطنية أوسع داخل اليمن من أجل تحقيق تطلعاتها الخاصة.
‏بدلًا من الذهاب لإقناع الانتقالي بالصيغة القانونية والفعلية ليمن موحد في مواجهة الحوثي والقادرة على تحشيد التأييد الدولي ، ثم الانتقال إلى صيغة سياسية تضمن الشراكة وتحقق العدالة، اختارت هذه القوى تقاسم ما لا تملكه، ما يجعل الحوثي يبدو - من وجهة نظر كثيرين - الطرف الأكثر انسجامًا مع تعريف الدولة وتمثيلها.
‏هل فكّرتم في مصير القوى الجنوبية المخالفة للانتقالي؟ وأين ستقف لاحقًا، وكيف سيتغير مزاجها وما دوافعها السياسية؟
‏إن التودد للانتقالي لن يؤدي إلى الانتصار على الحوثي، بل ستكون نتيجته إضعاف كافة القوى المناهضة له، في الشمال والجنوب على السواء. أما تقاسم "كعكة" ما تزال في خيال طباخ كسول، فهي علامة على ضعف الحيلة وسوء التقدير، وعدم فهم لمعاني التاريخ أو للقيمة القانونية لمفهوم الدولة.
 


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار