آخر الأخبار


الخميس 15 مايو 2025
مكة المكرمة؛ التي جاءها إبراهيم عليه السلام، و هي مجرد وادٍ غير ذي زرع، لا جليس فيها و لا أنيس؛ تصبح مهوى أفئدة يملؤها الشوق، و مقصد وفود يقودها الحنين، و مثابة و مأوى، يبسط أمنا للناس، و قبلةَ أمةٍ تتوجه إليها مئات الملايين، مولية وجهتها شطرها المسجد الحرام ؟! و إذا الصفوف المتحلّقة حول الكعبة، من خلفها،و خلفها،و وراءها صفوف متحلقة ، و مستديرة على مستوى ظهر البسيطة، مولية وجهها شطر المسجد الحرام.
لقد كانت واد غير ذي زرع ! لكنها زرعت، و كان زرعها النور، الذي أحال اليباب إلى عمار، و القَحْل إلى فِيَاح، و غدا واديها الأجرد تُجْبَى إليه ثمرات كل شيئ : " وارزق أهله من الثمرات".
في ذلك الوادي الأجرد ؛ غير ذي الزرع بَوّأ الله لإبراهم مكان البيت، و دعاه لبنائها : " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل " فيمضيان في البناء ضارعين مبتهلين : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " خاشعين منيبين: " ربنا واجعلنا مسلمَين لك " و لا يقفان عند طلب الاستقامة لنفسيهما فحسب ، و إنما يستشرفان الآماد القادمة من الزمن، و الذرية المتناسلة في المستقبل:" ومن ذريتنا أمة مسلمة لك".
و تجيش أُبوّة إبراهيم إشفاقا من توالي القرون، و ما يحدثه الزمن من تغيُّرات ، فتضعف الخيرية، و تتراجع الاستقامة، فيلهج مخبتا بالدعاء: " ربنا و ابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم " فتثمر دعوة إبراهيم عليه السلام بمحمد صلى الله عليه وسلّم يبعث نبيا ـ بعد آجال و قرون ـ يرث فيها رسالة إبراهيم، و كل الرسالات؛ و لتكون رسالة محمد صلى الله عليه وسلّم خاتمة الرسالات: " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين".
نعم.. تحققت دعوة إبراهيم؛ فبعث محمد( ص) ليرث كل الرسالات، و جاء و قد عاد الوادي إلى ما كان عليه: غير ذي زرع ؛ من الهدى و النور، و الخير و الاستقامة،و إنما قد وضعت الأصنام،و نصبت الأوثان، و ارتكس الانسان من جديد في ضلال مستطير.
و الإنسان بغير منهج مبين ؛ يتخبط في ضلال كبير.
كانت مكة و من حولها من العرب،و مَن وراء العرب يعيشون تيه الضلال المستطير، و مع ذلك كان العرب ـ خاصة في مكةـ يزعمون أنهم على دين إبراهيم " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما..... من المشركين".
و أين دين إبراهيم ؟! لقد أدخل الزمن فيه ما ليس منه، وزاد فيه الناس ما ليس له أصل، حتى لم يعد لهم منه شيئ إلا الادعاء.
لقد كان إبراهيم ـ النبي الكريم ـ يدرك مما عرفه عن مصائر الأمم قبله، و كيف فعل الزمن بها، و كيف تخلت عن رسالات السماء بعد طول عهد، حتى عاد الناس إلى جاهليتهم الأولى؛ و قد عانى هو نفسه في مواجهة ضلالات قومه.. لذلك استشرف ذلك المصير ؛ فكان أن دعا ربه أن يبعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم الآيات، و يعلمهم الكتاب و الحكمة و يزكيهم.
و جاء محـمد ـ صلى الله عليه و سـلّم ـ و قد أقْحَل الوادي، و عاد أجرد غير ذي زرع من هـدى و تقـوى و استقـامة، فكان في البدء الكلمة: " إقرأ " و مضى محمد يتلوا الآيات، و يعلم الناس الكتـاب و الحكمة، و يزكيهم بالرســــالة الخاتمة التي ورثت كل الرسالات، و التي ارتضاها الله للبشرية، معلنا فيها بإنزال آخر آية في التشريع :(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).
لقد ختم الله الرسالات برسالة جمعت ما مضى، و ورثت ما سبق من رسالات، فكانت الرسالة الخاتمة، التي لا تقبل التلفيق، و لا الافتراضات، و لا ما كان قد طرحه كفار قريش، نعبد إلٓهك سنة، و أن تعبد آلهتنا سنة، أو شهرا بشهر.. و هكذاظن كفار قريش بسذاجة فكرهم ، و ضلال عقولهم أن هذا التلفيق يمكن أن يقدم حلا وسطا، لا يكون مصدره السماء، و إنما يكون مصدره ضلالات السفهاء في الأرض.
سخر الله منهم، و عَرَّى ضحالة تفكيرهم بكل صرمة و قوة: " قل ياأيها الكافرون..." السورة.
أيها الموت... هذا صديقي ياسين البكالي، وليس مجرد فقيد
حمود النامس وأكمة العقاب
أخذ العلم بالتوازن الجديد في المنطقة
وساطة سلطنة عمان للحوثيين والنمط المتكرر
عن زيارة الرئيس ترامب إلى الرياض.
التهدئة في اليمن والحسابات الإقليمية