الثلاثاء 13 مايو 2025
كيف تصير قاتلاً في 24 ثانية؟!
الساعة 10:31 صباحاً
سلمان الحميدي سلمان الحميدي

كيف تصير قاتلاً في 24 ثانية؟!

هذا ما استنتجته من المقاطع التي وثقتها كاميرات المراقبة لجريمة قتل تفاصيلها الظاهرة تستدعي التحقيق حتى مع قسم الشرطة إن ثبتت شبهة المساهمة أو حتى التقصير المفضي لإزهاق روح إنسان:

وصل رجل مسلح مع ابنه المسلح مع جندي يرتدي زي الأمن ووقف خلفهم مسلح بزي مدني، إلى الشارع الذي يلعب فيه مرسال العيدروس مع أقرانه، أطلق طلقة نارية وسط رعب الموجودين، تراجع مرسال إلى الخلف هلعاً لا يعرف المستهدف، توقف وكأنه يستفسر، بعد 14 ثانية قام الابن بتوجيه البندقية ناحية مرسال، حاول مرسال الإمساك بالبندقية خوفاً من الضرب أو القتل، بعد خمس ثواني تلقى الطلقة القاتلة..

بين الطلقة الأولى واعتداء الابن: 14 ثانية

بين اعتداء ابن القاتل والطلقة القاتلة: 5 ثوان فقط.

بين الطلقة الأولى والطلقة الأخيرة: 24 ثانية..

ليتخيل كل واحد منا، بأن الضحية أخوه، أو ابنه، أو قريبه.. عندما نضع قيمة للإنسان الضحية، وتشيع روح التضامن سيتوقف القتلة.

بناء على تحليل الأدلة المرئية والمعلومات المتوفرة: فإن التحليل الأولي يكشف بأن المشتركين في جريمة القتل اثنان.. ويدعو لتحقيق جاد مع الشرطة وإصدار بيان رسمي لكشف الحقائق، بدلاً من هذه المهزلة.

*ملاحظة مهمة:

حرصت على أن أقرأ الكثير من التعليقات والروايات في مواقع التواصل، بما في ذلك التعليقات التي لم تصدق أن المتهم قد ارتكب جريمة قتل، قال أحدهم بأنه "إنسان يملك قلب رحيم" وقال آخر بأن المتهم لايمكن أن يقتل دجاجة وربما يكون القتل خطأً، وبنفس الوقت أخذت في الحسبان معظم الروايات بخصوص قسم شرطة الحكيمي بما في ذلك الرواية التي تقول أن الجندي سمح للقاتل بأن ينتزع منه السلاح لحظة المداهمة، ومقتل الفتي مرسال؟

البداية:

تقول الروايات أن اثنين من أبناء حارة الدار في تعز، تعاركا يوم الجمعة الماضية، وتدخل الفتى مرسال ليفض النزاع، غير أن أحدهم ذهب وجلب والده وأصحاب والده المسلحين وقتلوا مرسال.

مهما وضعنا من روايات متحيزة للجاني لن تشفع له قتل الضحية، فأكبر ما سنتخيله لنضع فتى بين عمر 13ـ 16 سنة، في موضع الخطأ، هو هذا الاحتمال: تعارك مرسال مع سين من الناس وغلبه، ذهب سين إلى والده واشتكي إليه، قام والد المضروب بحمل بندقية وحمل ابنه بندقية أخرى وعادا إلى الشارع ليقتلا الفتى.

ملخص كاميرات المراقبة

تسجيل1: كاميرا عادية

18:59:22 الجمعة: 9ـ5ـ 2025:

اتجاه الكاميرا: تقوم الكاميرا بتغطية موقع جغرافي قصير، بوابة أحد المحلات وجزء من الشارع أمام المحل.

يظهر رجل جوار المحل.. في الجانب الآخر من الشارع، تصل دراجة نارية عليها اثنان، ويظهر خلفهم شخص، ثم شخص آخر إلى جوار الرجل أمام المحل، يبدو وكأنهم شاهدوا شيئاً غير طبيعي في جزء من الشارع الذي لاتغطيه الكاميرا، يدخل إلى المكان الذي تغطيه الكاميرا شخص شاهراً بندقيته، يبدو أنه "شخص الأب" يتحرك بغرابة وكأنه يبحث عن شخص بعينه، يظهر أيضاً شخص يحمل بندقية، وشاب جاء من الجهة اليمني، ورجل آخر.

الأب يوجه البندقية نحو فتى في الشارع، وتراجع الفتى خائفاً، هرب الشاب الآخر الى الجزء السفلي من الشارع غير الظاهر في الكاميرا عند 18:59:35، أي بعد 15 ثانية، يطلق الأب طلقة نارية تجاه الشاب الهارب، حسب تحليلات ضوء النار ووضعية الأب.

يدخل شخص آخر يحمل بندقية كأنه رجل أمن، يمشون إلى مقابل جزء آخر لم يظهر في الكاميرا.. يدخل آخران بلباس مدني، قد يكونان من المارة، احدهما مسلح، يجب التحقيق معهم.

عند الساعة 18:59:50 يظهر مسلح مدني أيضاً، ويبدو أنه استنفر بسلاحه، بدا أن هناك ملاحقة وشجار في آخر حدود المكان الذي تغطيه الكاميرا، حسب رصد الحركات الظاهرة في الجزء البسيط الذي تبقى لنا من خلاله رؤية الناس.

عند 18:59:59يظهر لهب يشبه لهب إطلاق نار، لا يمكن الجزم من أطلق النار هنا، لكن في الفيديو التالي سيبدو واضحاً، على إثر تلك الطلقة عاد الأب الذي أطلق الطلقة الأولى، وشاب إلى جواره يحمل بندقية، جوارهم رجل أمن، على بعد خطوات منهم مسلح بزي مدني، عادوا باتجاه المكان الذي أتوا منه، بعد ذلك بدأ المدنيون بالتحرك في الشارع بخوف..

في هذا التسجيل ظهرت الطلقة الأولى بوضوح، وظهر ضوء غير مؤكد من المحتمل أنه الطلقة القاتلة.

تسجيل2: كاميرا ملونة

18:غير واضح :غير واضح: الجمعة: 9ـ5ـ 2025

اتجاه الكاميرا: طولي، مساحتها واسعة، تصور الشارع بشكل طولي.

في البداية لم يظهر المتهمون في نطاق الكاميرا، ولكن ظهر المدنيون وهم يتجارون خوفاً من مشكلة ما..

في آخر المساحة التي تغطيها الكاميرا: يومض لهب، من المحتمل أنه الطلقة الأولى: تزيد حركة الهاربين، ويبتين في الجزء الأعلى من الشاشة، مجموعة من الناس، بينهم مرسال الذي وقف متفاجئاً وكأنه أراد أن يوضح شيئا ما.

صار الضحية والجناة في نطاق الكاميرا..

وقف الضحية خلف رجل يرتدي ثوباً أبيض، بدا غير مصدق أنه المستهدف، على إثر ذلك ظهر شاب (من المحتمل أنه ابن القاتل) يرتدي بنطال وشميز وشاهراً البندقية نحو مرسال الذي حاول تفادي الاعتداء بشجاعة وامساك البندقية، كان الجميع يدور، رجل أمن لا ندري مهمته، شاب آخر يحاول إيقاف حركة مرسال (من المحتمل أنه كان يفض النزاع) بحركة سريعة يدخل الأب، صاحب الطلقة الأولى، في الفيديو 1، ويطلق النار إلى صدر مرسال..

في هذا التسجيل ظهرت اللقطة الناقصة من المقطع 1: الطلقة القاتلة، بينما ظهر ما يرجح أنه وميض الطلقة الأولى..

وهكذا كل مقطع يكمل الآخر.

مشكلة:

تظهر أمامنا ما يبدو أنه مشكلة: اختلاف زمني بسيط في تسجيلات الكاميرات، أي ساعة التسجيل. فكيف نرجح من أن المقطعين لحادثة واحدة:

ـ مدة الوقت بين الطلقة الأولى الواضحة في المقطع الأول، وما يرجح أنه الطلقة القاتلة في المقطع نفسه: 24 ثانية.

ـ مدة الوقت بين ما يرجح بأنه الطلقة الأولى في المقطع الثاني، وبين الطلقة القاتلة الواضحة في المقطع نفسه: 24 ثانية.

ـ تحليل حركات الناس من الزاويتين، والتدقيق في أحداث مهمة وسريعة يؤكد أن الموقع واحد للحدث نفسه، وفي اللحظة نفسها.

وعليه، ربما يكون اختلاف الزمن في التسجيلين، أو عدم وضوحه، يأتي نتيجة خلل تقني في ضبط الوقت بأنظمة كاميرات المراقبة، وربما يكون لأسباب أخرى.

الروايات المتداولة:

ـ الأب القاتل، ذهب إلى قسم شرطة الحكيمي لتقديم شكوى، فأرسل القسم معهم أفراداً لإحضار المتهمين..

ـ الأب القاتل اتصل بمدير قسم شرطة الحكيمي، وأبلغه ـ بحكم أنه من بلاده ـ بأن ابنه تعرض للضرب، فأرسل معه الضابط اثنين للاقتصاص من الفاعل.

ـ الجندي أعطى السلاح للأب في مسرح الجريمة، كي يقتل.

ـ أن جندي الأمن والمسلح الآخر، تحركوا من تلقاء أنفسهم مع الجاني..

وإزاء هذه الروايات وغيرها التي تدور حول مدير قسم شرطة الحكيمي، أمامنا معلومة مؤكدة من مصادر أمنية، تشير إلى أن مدير القسم، هو من سلّم الابن/ شريك والده في عملية القتل، إلى الأمن.

في الرواية الأولى: هناك تقصير وانعدام الحكمة والتصرف المحترف، إذا كان الشاكي قد أقبل مسلحاً وأنت تركته يمشي مع جنودا لإحضار الخصم.. إذا لم توجد إي ذريعة أخرى تبرر للضابط تصرفه.

ـ أما في الروايتين الثانية والثالثة: يرتقي الفعل إلى مرتبة المشاركة في الجريمة، ويستدعي محاكمة المتورطين والمساهمين حتى لو لم يطلقوا طلقة.

في الرواية الرابعة: الاستجواب سيظهر الحقيقة.

وفي كل الأحوال، هناك مسار واضح ومتاح للجميع، للتوصل إلى حقيقة دور مدير قسم شرطة الحكيمي، وهو متاح أمام الأجهزة الأمنية: التحقيق مع المسلح المدني ورجل الأمن الذين ظهروا في التسجيل وعلاقتهم بقسم الشرطة..

ـ استجواب ضابط القسم، ومعرفة ما إذا كان القاتل قد تواصل به قبل الجريمة وكيف تصرف معه؟

الاستنتاج:

يوم الجمعة الماضية، كان الفتى مرسال يلعب في الشارع، حين أقبل رجل مسلح وابنه ورجل أمن ومسلح آخر، لم يكن مرسال يصدق أنه المستهدف. لم يكن الرجل رحيماً على الإطلاق، وبدا واضحاً أنه لم يعرف الفتى الذي تعارك مع ابنه، أطلق طلقة نارية قبل أن يتأكد أنه الفتى المستهدف، حين التوى ابن القاتل ليضرب الفتى بالبندقية تعرف الأب بوضوح على الفتى خصيم ابنه فأطلق النار ليرديه قتيلاً.

قانونياً، لو كان هناك ألف فيديو يؤكد بأن القاتل شخص واحد وجه الضربة القاتلة، ذلك لا يعفي المساهمين ـ أبداً من التهمة، إذا تبين مشاركة عشرة أشخاص في قتل شخص واحد، يُعدم العشرة. "ولو أن أهل صنعاء اشتركوا في قتل رجل واحد لقتلتهم به" كما قال أحد الخلفاء.

لا أعرف إن كانت المقاطع التي شاهدتها، متعلقة بمقتل مرسال أم لا. لكن المؤكد في الأدلة المرئية المتداولة، أن اثنين أظهرا نيتهما بوضوح إزهاق روح الفتى، واشتركا في قتله، وينبغي التحقيق مع البقية لمعرفة علاقتهم بالأمر، فقد يصل دورهم إلى مرتبة المساهمة. وعلى كلٍ؛ قد تختلف العقوبة بمقدار المساهمة في الجريمة.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار