الثلاثاء 19 مارس 2024
يحيى علاو لم يكن مذيعا عاديا
الساعة 08:28 مساءً
 د. رصين بن صالح د. رصين بن صالح

بالنسبة للمذيع الكبير القدير: يحيى علاو رحمه الله (2010)

فهو لم يكن مذيعا (عاديا) كما وصفه البعض:

المذيع العادي هو من يمتلك الحد الأدنى (المقبول) من

شروط وصفات ومواصفات المذيع (الناجح) وهي:

1- الصوت 2- الفصاحة 3- اللباقة واللياقة 4- الحضور 5- الثقافة

6- والمظهر بالنسبة لمن يظهر على (شاشة)

يحيى علاو - من كل هذه - كان يمتلك قدرا كبيرا..

ومن يمتلك قدرا كبيرا من هذه الخمسة، فلا يمكن وصفه (بالعادي)

يحيى علاو هو من جيل (الرواد) الذين تلوا جيل (الكبار)

من المذيعين اليمنيين مثل: عبدالله شمسان، حسين عقبات، علي صلاح، محمد الرميم، عزالدين تقي، حسين فايع، أحمد الذهباني، يحيى الذاري، عبدالخالق عبدالملك، عبدالملك العيزري، فائدة اليوسفي، فاتن اليوسفي، عائدة الشرجبي، مها البريهي

ومن الجيل التالي لهم: ، خالد عمر، نادر أمين، سونيا مريسي

هؤلاء كانوا (أساتذة) في النحو واللغة، وعلاو كان مثلهم أستاذا في النحو واللغة..

هؤلاء لم يكونوا بحاجة لمن يعلمهم النحو.. ومثلهم - في هذا الزمان - من الجيل التالي لهم قليلون.. نذكر منهم: جميل عزالدين، خليل القاهري، عيسى العزب، عبدالولي المذابي، مطيع الفقيه، إبراهيم الخولاني، مها البريهي، أمل فايع

ومن القدامى - الذين لم نعد نراهم على الشاشات، ولا نسمعهم في الإذاعات - مروان الخالد، محمد الردمي، توفيق الحرازي، محمد العميسي

المذيع العادي هو:

أولا: من صوته مقبول..

وعلاو كان صوته: قويا ومميزا جدا.. وهذه موهبة (ربانية)

- تماما كما هو شأن الغناء وتلاوة القرآن - ليس لمن يمتلكها فيها فضل:

هي محض نعمة من الله

ثانيا: ومن يخطئ قليلا في النحو واللغة..

وعلاو، كان استاذا في النحو وفي اللغة

ثالثا: ومن فصاحته متوسطة.. وعلاو كان في غاية الفصاحة..

وطبعا الفضل لنشأته الدينية، ودراسته للعلوم الشرعية، وحفظه للقرآن

رابعا: ومن عنده لباقة ولياقة لا بأس بهما..

أما علاو، فقد حظي بقدر كبير منهما

خامسا: ومن حضوره - أمام الكاميرات والمايكات - جيد

وعلاو كان حضوره طاغيا.. بحيث كان يرتبك منه المصورون والمخرجون..

وهو من الناس الذين رزقهم الله (القبول) الذي يسمى -

بلغتي الإعلام وعلم النفس - الكاريزما

سادسا: ومن عنده ثقافة متوسطة

وعلاو كانت ثقافته: كبيرة وواسعة ومتنوعة

وهذا يظهر في أشياء كثيرة منها: 1- برنامجه

- الذي أطلقه وقدمه للجمهور، وكان سبب شهرته - (عالم عجيب)

2- برنامجه (فرسان الميدان) من خلال الأسئلة والحوار

3-من عرفه وحاوره شخصيا - ككاتب هذه السطور -

وأدرك أنه أمام شخصية مثقفة غير اعتيادية ولا مألوفة

وكثير من المذيعين (العرب) واليمنيين - مثل فيصل القاسم -

ينقصهم نوع معين من الثقافة وهو (الثقافة الدينية)

وهو الداء والمرض الذي أصاب 99% من المثقفين العرب - وعلى رأسهم الأساتذة الجامعيون ودكاترة الفلسفة أمثال حسن حنفي -

تجد ثقافتهم قوية في كل شيء: في السياسة، في الأدب، في اللغة، في التاريخ..

ولكنهم - في الفقه والعقيدة والقرآن وتاريخ الإسلام -

محدودو الثقافة جدا..

بل أحيانا يكونون معدوميها، كما هو شأن مثقف كبير مثل

(مروان الغفوري) الذي هو مثقف - في كل شيء - إلا

علوم الشريعة وتاريخ الإسلام!

وأحيانا تخدم الظروف إعلاميا، فيشتهر بسبب ثقافته (الدينية)

خاصة إذا حظي بشرف الجلوس، بين يدي إمام ومرجع كبير في العلوم الشرعية، كما هو شأن العمراني رحمه الله

الذي حظي بشرف استضافته - من القدامى - عزالدين تقي،

ومن المعاصرين: محمد العامري

ولو كان يحيى علاو استضافه - في برنامج - لرأينا وسمعنا

العجب العجاب.. من حوار بين: تلميذ دارس للفقه والعلوم الشرعية..

وإمام فيها!

وشخصيا كنت اقترحت عليه هذا.. ولكنه اعتذر لأن وقته كان مشغولا كليا

بـ (فرسان الميدان) وليس هذا لقصور في أداء العامري،

ولكنني كنت اقول في نفسي: قلما نجد - في هذا الزمان -

- مذيعا صاحب ثقافة دينية..

وعلاو كان - كسائر المثقفين من أبناء تهامة والحديدة -

دارسا بتعمق وتفصيل للفقه على المذهب الشافعي..

وكان الحوار - في مسائل الفقه مع العمراني - سيكون ممتعا ومفيدا!

هل أقول لكم سرا: لقد كنت- وأنا في التلفزيون - أشعر بالفخر، وأنا

أرى أمثال يحيى علاو: يسألونني ويستشيرونني.. ضمن من كان يسألني ويستشيرني - من المذيعين والمحررين والمعدين، وأكثرهم من طلابي السابقين - في فترة عملي هناك في التلفزيون (2003 - 2007)

ولا يعرف الإنسان أنه (كبير) إلا حين يستشيره (كبير) مثله..

وكثيرا ما كان يسألني علاو رحمه الله قائلا:

أليس كذلك يا دكتور؟ صحيح يا دكتور؟ ما رأيكم دكتور رصين؟

ولم يكن يسألتي - فقط في لغة الإعلام والنحو واللغة - بل

كان يسألني ويستشيرني ويستفتيني حتى في: الفقه والتفسير

وسائر علوم الشريعة..

وذات مرة قلت له: عفوا أستاذ.. أنا من الطبيعي أن أعرفك.. ولكن

أنت.. كيف ومن أين تعرفني؟

فابتسم وضحك ضحكة صغيرة وربت على كتفي وقال:

هيا يا دكتور لكن بطل تواضع.. وهل يخفى القمر؟

سمعتك العلمية والأكاديمية - من الجامعة - تسبقك..

ونحن نلقى طلابك، في كل مكان نذهب إليه!

وطبعا كل هذا وأنا يومئذ، لم أكن بعد قد حصلت

على الدكتوراة!

وذات مرة دخل الأستديو يقرؤ نشرة.. ثم خرج وسألني: ما رأيك؟

فقلت له: أنت - في البرامج أفضل بكثير.. فضحك وقال:

يعني تشتي تقول: أنت ما تنفعش مذيع نشرة.. بس تقولها بأدب..

قلت له: من قال هذا؟ أنت تنفع لكل شيء.. ولكن

أنت - مثل فيصل القاسم - الأول في البرامج.. ولكن

ليس ضروريا، أن تكون الأول في النشرات:

زمن بتاع كللو انتهى يا أستاذ.. وأنت سيد العارفين:

نحن في عصر التخصص.. والتخصص داخل التخصص..

فابتسم وقال: أها فهمت قصدك.. شكرا دكتور!

*نقلا عن صفحة الكاتب على الفيسبوك


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار