الجمعة 6 ديسمبر 2024
عروس المشرف
الساعة 11:19 صباحاً
فكرية شحرة فكرية شحرة

ما بين نظرات الحسد في عيون فتيات القرية ونظرات العذاب في عينيّ أمها حارت اليتيمة في أمر هذا الزواج .

ربما اعتادت نظرات الحسد منذ عرفت أنها أجمل فتاة في القرية؛ لكن نظرة والدتها المعذبة تؤرقها وتفسد فرحتها .

خالها عاقل القرية فقط يتقافز كالقرد فرحا وسرورا بإتمام أمر الزواج رغم نشوب مشادة كلامية بينه وأمها حول زواجها من أبي همام .

سألت أمها في خيبة أمل : هل لديه طفل اسمه همام ؟

أجابت الأم : في مثل عمرك وقبله آخرين وبعده آخرين؛ لكن لا يهم؛ المرأة الذكية تعرف كي تستحوذ على قلب زوجها ورزقه .

بعد شهر من عرسها تذكرت عبارة والدتها هذه حين قال لها أبو همام  وهو يقودها إلى قصره الكبير :

_ لا تنسي أنك قبيلية أما أم همام فأبنة عمي وخدمتها واجب عليك .

بمرور الأيام أتضح لها أنها خادمة بدرجة زوجة ثانية للمتعة فقط؛ حتى زيارة أمها ترف لا تسمح به أعمال البيت .

وفي مقيل الشريفة زوجة أبي همام قابلت من هن أقل جمالاً منها وأفضل حظاً من زوجات المشرفين المتحوثين .

فتيات مثلها تزوجن مرغمات من أجل متعة رجال الله؛ لكنهم قبائل بعضهم من بعض كما تقول الشريفة أم همام .

تكرر في مسامعها أنها محظوظة بخدمتها لهم وتحذرها من المصير المظلم ل "دلال" .

ما أن تستيقظ سيدتها من النوم وتتأخر هي في تقبيل ركبتها حتى تحذرها من مصير "دلال" التي رفضت أن تقبل ركبتها كل صباح ومساء وحرمت بركتها وبركة سيدها أبي همام ولاقت مصيرها المظلم .

من دلال هذه ؟ 

حتى أنها لا تجرؤ على السؤال عنها خوف المصير المظلم كما تقول سيدتها .

لكن الأيام المتعاقبة في خدمة البيت الكبير وأسيادها الهاشميين أتت لها بقصة "دلال" دون جهد .

"دلال" فتاة مثلها كانت أسعد حظا ليس إلا فقد ماتت أو قتلت !

قصت عليها المرأة التي تساعدها أحيانا في الولائم الكبيرة لبيت السيد المشرف كيف أن السيد أبا همام أرسل لوالد "دلال" المعلم في المدرسة أنه يريد أبنته زوجة لأبنه الكبير فقد كان زميلها في الصغر ووقعت في نفسه .

تمنع المعلم كثيرا وتعلل بصغر سنها وأخيرا أبلغ السيد برفضها تماماً .

فما كان منه إلا أن أرسل رجاله المسلحين واقتادوا الفتاة رغما عن ذويها وأشاعوا في الأنحاء أن الفتاة لجأت إليهم فهي تريد الولد والولد يريدها وهذا الأب القاسي معلم المدرسة يعارض رغبة الشابين !!

وأن السيد الكريم سيمهرها ويزوجها لأبنه كي يسترها ولا يعضلها أبوها .

واستطردت المرأة وهي تمزق الخبز إلى فتات لعمل "العريكة" :

_ كان يمكن أن يتزوجها أبن السيد وتعيش مستورة فعلا؛ لكن ما لم يكن في الحسبان أن الفترة التي احتجزت فيها "دلال" في القصر كانت كافية كي يرغب فيها أبو همام ويريدها لنفسه وليس لولده .

وهنا قامت قيامة "دلال" فأبن السيد يتوعد بقتلها فلا تكون له ولا لأبيه والسيدة زوجة أبي همام أعلنت أن الفتاة وبال على الأسرة فهي لا تقبل ركبتها ولا تقدرها حق قدرها .

وأبو همام كما تعرفي لا يترك حسناء وقعت عيناه عليها دون أن تكون له .

بعد نصف شهر فقط وجدت جثة "دلال" في حوش المنزل بعد أن رمت بنفسها من سقف البيت!!

لا أحد يدري يا أبنتي هل رمت نفسها كما قيل أم رموها ليتخلصوا من سبب خلافهم .

أم سقطت فيما كانت تنشر ملابسها كما أشاعوا !!

ما أعرفه أني حين عثرت على جثتها وحملتها بيدي أنها لم تكن تنزف من رأسها المهشم بل من عفتها التي انتهكت.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار