آخر الأخبار


الثلاثاء 8 ابريل 2025
قالت شبكة "سي أن أن" الامريكية في تقرير لها "بعيدًا عن الخضوع للضربات الجوية الأمريكية، قد يكون الحوثيون في اليمن يستمتعون بها" إنه رغم مرور أسابيع على الحملة الجوية التي تشنّها الولايات المتحدة ضد جماعة الحوثي في اليمن، والتي استهدفت منشآت نفطية ومطارات ومواقع لإطلاق الصواريخ، إلا أن الجماعة تبدو بعيدة كل البعد عن الرضوخ، بل على العكس، قد تكون مستمتعة بهذه المواجهة التي طالما سعت إليها.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، أطلقت جماعة الحوثي سلسلة من الهجمات في البحر الأحمر دعماً للفلسطينيين، وأدت هجماتهم إلى إغراق سفينتين وتغيير مسار 70% من حركة التجارة البحرية التي كانت تمر عبر هذا الممر الحيوي إلى طريق أطول عبر جنوب إفريقيا.
ورغم تأكيد واشنطن أن حملتها "تُضعف" قدرات الحوثيين، حيث صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز بأن قادة عسكريين من الحوثيين قُتلوا في الضربات، فإن الحوثيين لا يزالون يردّون بعنف.
ومنذ منتصف مارس، أطلق الحوثيون عدة صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل، إلى جانب طائرات مسيرة وصواريخ استهدفت سفناً حربية أمريكية في البحر الأحمر، ما يُبقي التهديد قائماً.
خسائر وتحديات.. ولكن دون انهيار
رغم التقديرات التي تشير إلى مقتل نحو 80 ضابطاً عسكرياً حوثياً، فإن القيادات العليا للجماعة لا تزال قائمة، ومواقع الإطلاق لم تُدمّر بالكامل. ولا تزال الجماعة قادرة على تهديد أمن المنطقة واستقرار الملاحة.
ورغم أن تكلفة الحملة الأمريكية قاربت مليار دولار خلال أقل من ثلاثة أسابيع، وفق مصادر مطلعة لـ CNN، إلا أن أثرها على قدرات الحوثيين لا يزال محدوداً. وأكد مسؤول أمريكي: "نحن نحرق قدراتنا... الذخيرة، الوقود، ووقت الانتشار."
الرد الحوثي: تهديدات جديدة واستعداد للتصعيد
الجماعة لم تكتفِ بالمواجهة الحالية، بل هددت بتوسيع نطاق هجماتها لتشمل الإمارات، الداعمة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. كما وضعت السعودية في حالة تأهّب قصوى تحسباً لأي ردود انتقامية.
وقال متحدث باسم الحوثيين: "العشرات من الغارات الجوية على اليمن لن تردع القوات المسلحة اليمنية عن أداء واجبها الديني والأخلاقي والإنساني."
شبكات تهريب معقدة تعزز بقاء الحوثيين
بحسب تحقيق لمنظمة "Conflict Armament Research"، تعتمد جماعة الحوثي على شبكات تهريب متطوّرة لجلب قطع الصواريخ والطائرات المسيّرة، عبر البحر أو حدود سلطنة عُمان. وقد تم العثور على أطر طائرات وأجنحة وصواريخ ومكوّنات وقود في شحنات تم اعتراضها سابقاً.
هذه المعدات تسمح للطائرات بدون طيار بحمل رؤوس حربية أكبر والطيران لمسافات أطول، ما يُفاقم التهديد.
فهم محدود لطبيعة الحوثيين
يقول أحمد ناجي، كبير المحللين في "مجموعة الأزمات الدولية"، إن القوى الغربية، بما فيها إسرائيل والولايات المتحدة، تفتقر إلى فهم عميق لطبيعة الجماعة، قائلاً: "قيادتهم الغامضة وبنيتهم الداخلية المُغلقة تسببت بفجوات استخباراتية متكررة."
أما إليزابيث كيندال، خبيرة الشأن اليمني، فترى أن الضربات الجوية الأمريكية "أداء استعراضي" أكثر من كونها استراتيجية فعالة. وتضيف: "لقد تم قصف الحوثيين عشرات الآلاف من المرات خلال العقد الماضي، ولم يتراجعوا."
السيناريو الأكثر واقعية: عملية برية؟
يعتقد عدد من المحللين، من بينهم مايكل نايتس من معهد واشنطن، أن القضاء على خطر الحوثيين يتطلّب عملية برية شاملة. ويقول: "لقد أثبت الحوثيون أنهم لا يهابون الحروب مع جيوش كبرى. الطريقة الوحيدة لإسقاطهم تكمن في طردهم من العاصمة صنعاء، وساحل البحر الأحمر."
ويشير إلى أن الجماعة أبدت مرونة فقط حين واجهت تهديدات جدية بخسارة أراضٍ أو منافذ بحرية كما حدث في 2017، حين كادت قوات مدعومة من الإمارات تقطع عليهم الطريق إلى البحر الأحمر.
هل سيغامر الأمريكيون بعملية برية؟
الولايات المتحدة لا تُخطط، في الوقت الراهن، لنشر قوات على الأرض، باستثناء بعض عناصر القوات الخاصة لتوجيه الضربات الجوية. ومن المتوقع أن تكتفي واشنطن بتقديم الدعم اللوجستي وبعض الذخائر للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
دولة الإمارات، التي لطالما دعمت تلك الحكومة من مقرها في عدن، يُتوقع أن تُساند التحرك العسكري "بهدوء"، بينما الموقف السعودي أكثر تحفظاً، خصوصاً بعد تجربة الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة على منشآتها في السنوات الماضية.
ومع ذلك، بدأت مؤشرات على تحضير عملية برية محتملة تنطلق من الجنوب والشرق، وربما تشمل دعمًا بحريًا من السعودية والولايات المتحدة في محاولة لاستعادة ميناء الحديدة الاستراتيجي.
إيران.. اللاعب الحاضر الغائب
منذ البداية، اعتبرت إدارة ترامب أن الحوثيين مجرد ذراع إيرانية، وهدد ترامب بتحميل طهران المسؤولية الكاملة عن أي هجمات تُنفّذها الجماعة، متوعدًا بردّ "كارثي" إذا استمر الدعم الإيراني.
ورغم ذلك، لم تُقدم إيران على خطوات عسكرية مباشرة حتى الآن، وتكتفي بتقديم الدعم المعنوي. ويبدو أنها تتريّث في محاولة لفهم نوايا ترامب، بين "الجزرة المحدودة والعصا الغليظة"، كما يصفها محللون.
تحدي أمريكي مفتوح
حتى اللحظة، تُظهر جماعة الحوثي صموداً استثنائياً، يُعيد إلى الأذهان وصف بعض الخبراء لها بأنها "غُرير العسل" في سلوكها العدواني – وهو الحيوان الذي يُعرف بعدم الخوف، حتى بعد تعرضه لهجمات مميتة.
ومع تزايد كلفة الحرب الأمريكية، وعدم وجود مؤشرات على تراجع الجماعة، يبدو أن الأسابيع المقبلة ستكون اختباراً حقيقياً لصبر الطرفين، وإرادتهما في فرض معادلات جديدة على الأرض.
المعارك المؤجلة قروض بفوائد
اليمن أمام مفترق طرق!