الاربعاء 16 ابريل 2025
من ليس جمهوريا.. فليبحث عن الإمامة والسلطنات !
الساعة 05:09 مساءً
فتحي أبو النصر فتحي أبو النصر

 

 

من عجائب هذا الزمن الرديء، أن نجد من يحن للإمامة وكأنها كانت منتجعا جبليا فاخرا، لا حفرة تاريخية مظلمة دُفنت فيها عقول اليمنيين وأرواحهم لأكثر من ألف عام. ولا ننسى بعض "المثقفين" الذين يتغنون بالسلاطين كما يتغنى الشاعر الولهان بفاتنته، بينما الواقع أن تلك السلطَنات لم تكن سوى "مزارع خاصة" تديرها عائلات نُصّبت على الناس بالتوريث والتخلف والوكالة عن المستعمر.
بمعنى أدق فإن كل من لا يؤمن بثورتي سبتمبر وأكتوبر لا ينتمي إلى هذا الشعب، ولو حمل بطاقة تعريف مكتوب فيها "يمني". فالوطنية ليست أوراقا رسمية، بل هي موقف حاسم من الإمامة والسلطنات، ومن كل من يحاول إعادة تدوير ذلك الغثاء التاريخي.

نعم ،أين كنا قبل ثورة سبتمبر؟ دعونا نذكّر من فقد الذاكرة أو قرر بيعها: كان الإمام لا يرى الشعب سوى قطيع، ويكتب في مراسلاته عنهم بصيغة "الرعايا"، وكأنهم حشرات تجبى منها الزكاة وتُساق للموت في حروب عبثية. أما قبل أكتوبر، فجنوب الوطن كان مقطع الأوصال، لكل مدينة سلطانها ولكل قبيلة علمها، بينما الإنجليز يقبضون من الجميع ويتفرجون علينا نتصارع كالديوك.

الآن، هناك من يريد استعادة تلك الأيام، ولكن بـ"لباس معاصر"، تحت عناوين مثل "الخصوصية الدينية"، أو "الحكم الذاتي"، أو "المرجعية التاريخية"، وكلها مسميات أنيقة لمحاولة إعادة الحكم العائلي، الطائفي، القبلي. والحزب القومي اليمني الذي نحلم به يقول لهم: عذرا، لن نُلدغ من ذات الحفرة ألف مرة.

نعم ،جمهوريتنا واحدة، من صعدة إلى المهرة، لا إمام ولا سلطان. فليذهب كل من يريد إماما إلى الكهف، وكل من يريد سلطانا إلى متحف التاريخ، أو إلى بريطانيا التي صنعتهم ثم رمتهم كالمناديل الورقية. أما نحن، أبناء الحزب القومي اليمني، فنحن أبناء سبتمبر وأكتوبر، رغم الجراح والانقسامات والتحديات، لا نزال نؤمن أن الوحدة والجمهورية والعدالة هي مستقبلنا الوحيد.

نعم ، نحن لا نحلم بعودة الإمام، بل نحلم أن يُحاكم الإمام الجديد على جرائمه في صنعاء، وأن تُفتح ملفات السلاطين الذين تركوا الجنوب نهبا للانقسام والفساد.
نعم نحن لسنا طلاب فتات، نحن طلاب وطن. ولسنا دعاة حنين، بل بناة شوق.
أما إذا كان البعض يعتقد أن رفع صورة الإمام أو علم السلطنة سيفتح له باب الجنة، فليعلم أن أبواب الجحيم أولى به. ومن يظن أن الجماهير ستنسى شهداء سبتمبر وأكتوبر، فليقرأ التاريخ لا خطب عبدالملك، ولا بيانات "المجلس الانتقالي".

وهكذا فإن حزبنا – الحزب القومي اليمني – ليس حزبا تقليديا، بل تيار وطني جمهوري خالص، لا يعرف الهوان، ولا يقبل أنصاف الولاءات. إما أن تكون مع اليمن الجمهوري، الواحد، الحر، أو أن تكون مع الماضي… والماضي مكانه في مزبلة التاريخ حتما.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار